Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ألو.. الحقنا يا دكتور «2»!

الطقس بارد جدًّا.. جدًّا.. وصاحبي لم يستحم منذ خمسة أيام، ويبدل ملابسه تباعًا دون أن تمس جسمه قطرة ماء، هو ليس مريضًا مرضًا جسديًّا أبدًا.. هو فقط يخشى شعور الرعشة والرجفة إذا ابتلّ بقطرات الماء..

A A
الطقس بارد جدًّا.. جدًّا.. وصاحبي لم يستحم منذ خمسة أيام، ويبدل ملابسه تباعًا دون أن تمس جسمه قطرة ماء، هو ليس مريضًا مرضًا جسديًّا أبدًا.. هو فقط يخشى شعور الرعشة والرجفة إذا ابتلّ بقطرات الماء.. لدرجة أنه يخشى الموت بسببها!
ولا أدري إلى متى ستستمر الحالة؟ هل يُعقل أن ينتظر انتهاء فصل الشتاء؟! وهو لا يملك سخّانًا من فقره، وقد يتحرّج أن يطلب صديقًا آخر ليستحم في منزله.. وإن غالب نفسه وفعلها، فسيظل يفكر كيف سيكون الاستحمام المقبل؟ وأين؟! يفكر في ذلك قبل أن يجفّ من الاستحمام الحالي!
هذه الصورة هي صورة تقريبية لمريض آخر لديه نفس شعور صاحبي، ولكن بصورة مختلفة قليلاً، فالصورة الأولى صاحبها مؤمن بمشكلته، ولديه شعور بعدم الارتياح، وحاجة ماسّة إلى الماء لتجديد الدورة الدموية، وإزالة الروائح الكريهة، والتطهير، لكنه يخشى الماء البارد خشية مبالغًا فيها؛ لدرجة أنها تعيقه عن الاستحمام الدوري، وتؤخّره عن أدائه.
فمتى ما غالب تلك الرهبة، وانتصر عليها، ارتاح وانتعش، وتجددت ثقته في نفسه، وأقبل على الحياة، والعكس بالعكس.
المريض الآخر هو مريض بالوحدة، والكآبة، وفرط القلق، ووجد ضالته عند صديقه المثقف، وأخذ بيده للعلاج، لكن بقيت رهبة العلاج كمشكلة، وتأثيراته الحقيقية والوهمية، وهي هنا تشبه مشكلة الأول مع برودة الماء، فهو موقن تمامًا بنوع المشكلة، وأسبابها، وطريقة حلّها، لكن ينقصه شيء واحد وهو عامل الاندفاع نحو تبديد المخاوف، فلو فعلها مرّة فلن يموت.. لكنه لم يفعلها، وسيلجأ مرة أخرى إلى سخان صديقه، ويتحرّج من طلب سخان منزل عمّته، وتزيد المشكلة تعقيدًا بدخوله في عزلة وكآبة مفرطة، ولا تسأل هنا عن مدى انتشار الروائح الكريهة، وعدم الاهتمام بالمظهر!
السخان هنا ليس هو الحل.. وليس فصل الشتاء مشكلة! فصاحبنا تعوّد عليه حتى في الفصول المعتدلة!
السخان هنا يماثل (الشيخ الراقي) في حالة المريض النفسي، والشتاء عارض لا يمكن إلغاؤه من الحياة.. ودمتم سالمين. وللحديث بقية..
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store