الاحتكار والعمل التعاوني

يدور جدل حالي وملموس حول هبوط وتدني أسعار السلع والمواد الأولية في الأسواق العالمية، ولكن يرى البعض أن أثرها غير ملموس على السوق المحلي السعودي. ولعل آخرها يتحدث عن تراجع أسعار الأرز البسمتي الباكستاني، وعدم تأثيره على السوق المحلي. كما يُضاف لهذا الجدل أن مجلس المنافسة السعودي حاليًّا لا يتفاعل مع الاحتكار الداخلي الآتي من الخارج، وبمشاركة بعض المُؤثِّرين على الأسواق المحلية في السلع المحلية. وبالتالي نرى أسعار السلع والمواد الأولية وكأنها في معزل عن السوق العالمي. ممّا يُوحي بتوفُّر نوع من الاحتكار الذي يتحكَّم في العرض، وبالتالي يُحافظ على أسعار السلع، لأنه لو توفَّرت سوق تنافسية لوجدنا تأثيرها واضحًا على سوقنا المحلي، ولشاهدنا نوع من التغيُّر السعري. وأعتقد أن العمل التعاوني من خلال مجلس الجمعيات التعاونية تحدَّث عن الرغبة في الاستفادة من إمكانيته في الدخول في مجال السلع الاستهلاكية، وتوفيرها للجمعيات التعاونية بهامش ربح بسيط، ممّا يخلق نوعاً من المنافسة المرغوبة في سوقنا، ولكن ما الذي يُعطِّل هذا الاتجاه الإيجابي في مجتمعنا.
أعتقد أن هناك بُعدين مُؤثرين وملموس سلبيتهما، الأول: يتمثَّل في الجهة المُرخِّصة والتي تحد من انتشار الجمعيات التعاونية، بعكس المجلس الذي يسعى بقوّة لنشرها. الدولة -حماها الله- أصدرت الأنظمة والقوانين، ووفرت الآليات، وسعت لتنمية هذا الجانب الإيجابي، والذي استفادت منه اقتصاديات كبيرة كأمريكا وأوروبا، ولكن للأسف وجود البعض عندنا في بعض الجهات ذات العلاقة أصبح عاملاً سلبيًّا مُؤثِّرًا على عجلة التنمية. والثاني: عدم وجود مَد مِن الأفراد في الإصرار على الطلب ورفعه للجهات الرسمية لدعم صدورها. والسؤال المهم الآن: كم طلب قُدِّم للجهات المعنية وجُوبِه بالرفض لأسباب غير منطقية؟.. هذه الإحصائيات لا تتوفر إلاّ عند من يقف في وجه هذا المدّ الإيجابي، ولا توجد جهة حيادية يمكن استياق النتائج منها.
لذا نأمل من المجلس الاقتصادي صاحب المبادرات الإيجابية في تحريك الاقتصاد السعودي أن ينظر لهذا الجانب الإيجابي، ويُوليه رعايته. ونحن على يقين أن هذا القطاع لم يَفُت عنه، ولكن نتمنى أن يقفز ليكون ضمن أولوياته، خاصة وأن التأثير السلبي يكون من الجهة التي يُفترض أن تُنمِّيه.
كلنا أمل وثقة بأن يحظى هذا القطاع الهام والحيوي بكثير من الرعاية، وأن يظهر في مبادرات المجلس الاقتصادي، ونسمع بقرارات تفعيلية بخصوصه، لتظل بلادنا قوية ونامية.