Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الحرفية والأعمال الصغيرة والمجتمع

فُصلت الحِرَف، ونُظر لها نظرة دونية، خاصة بعد الطفرة الأولى، بعد أن كانت جزءًا أساسيًّا ومحترمًا من المجتمع.

A A
فُصلت الحِرَف، ونُظر لها نظرة دونية، خاصة بعد الطفرة الأولى، بعد أن كانت جزءًا أساسيًّا ومحترمًا من المجتمع. ومع القضاء على الحِرَف تم القضاء على الأنشطة الصغيرة من زاوية عدم الممارسة، والنظرة الدونية، والتستّر، كبُعد يتيح الاستفادة من النشاط دون الممارسة، والقبول بالفتات، في حين ينعم الممارسون بالزبدة. والمهن الحِرفية أساسٌ يحتاج المجتمع لها، وللممارسين فيها. وتلعب المهن الحِرفية دورًا هامًّا في بناء المجتمع؛ والاقتصاد بصورة كبيرة، من زاوية الإنتاج، وزاوية التوظيف، وزاوية نشوء ونمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
في الماضي وحتى بداية السبعينيات الميلادية، إذا رجعنا للإحصائيات، لوجدنا السعودي يمارسُ، ويقومُ بكلِّ المهن دونَ وجود بُعد العيب فيها. وكان التستّر، ووجود مَن يُمارس الأعمال بدلاً من المواطن مُنعدمًا. ثم جاءت الطفرة الأولى بحسناتها وسيئاتها، فخلقت فجوةً عميقة أثّرت على قطاع المنشآت الصغيرة، والحِرَف، وخلقت منها المركب المشوّه الحالي. للأسف -وحتى الآن- لا يوجد خطّة، أو برنامج، أو توجُّه من طرف الجهاز التعليمي، أو المجتمع للتعامل مع هذه الفجوة، ولا يزال القطاع الحِرفي، وما يستند عليه من منشآتٍ صغيرة ضعيفًا، ويمثّل فجوة في اقتصادنا.
ولو ذهبنا لأكثر الدول تقدُّمًا من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أوروبا، إلى تركيا، إلى البرازيل، والهند، والصين، نجد أن مواطنيهم هم مَن يمارسون الحِرَف، ويقومون بها. إلاّ نحن ومواطني دول الخليج، ننظر لها ولبعض المهن بسلبية، بناءً على سياسة العيب، وبناء على عادات وتقاليد ليس لها أساس من الشرع أو المجتمع، الأمر الذي أثّر بصورة كبيرة علينا، وعلى تركيبة اقتصادنا، وعلى المجتمع، وخلق ثغرات استفاد منها الغير مع تشكّينا وغضبنا من البطالة، والنظر لمهن ووظائف دون غيرها.
الأجيال القادمة، والموارد البشرية لن تكون نقطة قوة أو ميزة، إلاّ إذا أعدنا تعريف العيب، وتعريف المهن الحِرفية، وممارستها. وهذا يحتاج البدء فيه من الآن، ولتغير الأجيال القادمة، وتغير التركيبة الاجتماعية. الحِرف البعض ينظر لها بدونية، ولكن لو نظرنا لحجم الدخل المتوقّع من ممارستها، ونمو المنشآت الصغيرة المقدّمة لها لاختلفت المعايير.
إن جزءًا كبيرًا من التستّر الحاصل ناجم من فراغ كبير موجود في الممارسة المهنية من قِبل المجتمع، ونظرًا للحاجة للقيام بالوظيفة، يقوم بها أفراد حدث، وانتشرت الممارسة. المواطن يجلب من يقوم بالعمل، وغير عارف بالدخل، وبواطن الأمور، فيتحصل على المقسوم من الفتات، وتدور العجلة.
لا تزال الفرصة مواتية لنعود ونرسم الخارطة المهنية من جديد، وتتوزّع فئات المجتمع لتُمارس مختلف المهن والحرف، وينمو معها قدرات المجتمع ويتحسّن الاقتصاد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store