Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإرياني.. حكيم اليمن

قبل بضعة أشهر التقيت بالدكتور عبدالكريم الإرياني (يرحمه الله) في منزل صديقنا السفير الدكتور/ نواف سلام، مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة، وكانت قد جمعتني بالدكتور الإرياني لقاءات وحوارات عديدة، سأ

A A
قبل بضعة أشهر التقيت بالدكتور عبدالكريم الإرياني (يرحمه الله) في منزل صديقنا السفير الدكتور/ نواف سلام، مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة، وكانت قد جمعتني بالدكتور الإرياني لقاءات وحوارات عديدة، سألت الدكتور الإرياني عما يقال عنه بأنه لا يشعر بالود تجاه المملكة العربية السعودية، فابتسم وقال: هذه مقولة روَّج لها من يستفيد منها، وانبرى ليوضح كيف أنه يرى أن مصير اليمن مرتبط بمصير المملكة، وقال إن هذه المقولة قد ذكرت عنه بالتحديد أثناء مفاوضات الحدود بين اليمن والمملكة، وفسر ذلك بقوله أن المفاوض المحترف عليه أن يتشبث بمواقف أكثر تشدداً لكي يتوصل إلى أفضل نتيجة ممكنة للطرف الذي يمثله، وعليه أن يترك التنازلات لكي يقدمها رئيس الفريق التفاوضي (الذي كان هو الرئيس السابق علي عبدالله صالح) في الوقت المناسب ويحصل مقابلها على ما يرضيه من تنازل مقابل، ونتيجة لذلك انتشرت سمعة أن الدكتور الإرياني متشدد والرئيس صالح مرن، وفي وجهة نظره أن ذلك لم يكن سوى شيء من توزيع الأدوار المتعارف عليه في كل عملية تفاوضية، ثم انتقل الدكتور الإرياني ليتحدث عن أن تدخل المملكة وقيادتها للمبادرة الخليجية كان له الدور الأكبر في منع حدوث كارثة في اليمن، ثم سألت الدكتور الإرياني عن علاقة المثقف بالسلطة، ومتى ينبغي للمثقف أن يستمر إلى جوار الحاكم ومتى يتوجب عليه النأي بنفسه عنه، وأشرت إلى ارتباطه بالرئيس علي عبدالله صالح، أجاب الإرياني قائلاً إنه يرى أن بقاء المثقف إلى جوار الحاكم واجب طالما يستطيع أن يمارس دوراً فعالاً وأن يكون له تأثير، وضرب على ذلك مثلاً بالدور الذي أداه في سبيل إقناع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بالموافقة على التنحي عن السلطة وتوقيع الاتفاقية التي صاغها مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم قال إنه اعتزل العمل السياسي عندما أدرك بعد ذلك أن الرئيس صالح كان مستمراً في المراوغة والمناورة.
لقد كان الدكتور الإرياني شخصية فذة، ورجلاً وطنياً عروبياً، وسياسياً محنكاً، ورجلاً فائق الذكاء، حتى إنه استحق أن يوصف بأنه حكيم اليمن.. رحل الإرياني بكل هدوء، وحق له ولمحبيه أن يفخروا بالأدوار التاريخية التي أداها في مختلف المراحل... رحمه الله رحمة واسعة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store