الترهل الإداري والصحة العامة

لعل من نافلة القول التأكيد بأن الصحة العامة في بعض الأوطان يصيبها التردي بسبب الترهل الإداري وضعف نظام الرقابة والمتابعة ... لعل ما يذهل المرء أن بعض شركات الأدوية الغربية تضع تحذيراً على الأدوية المصدرة للإستعمال خارج بلد المنشأ وأنه لايسمح باستعماله داخل البلد. يفهم من هذا أن هناك أدوية للتصدير فقط وأدوية أخرى لاستعمال مواطنيهم، هذا الأمر أثير عدة مرات في وسائل الإعلام بما فيها الغربية وأقرت منظمة الصحة العالمية بوقوعها وفي حقيقة الأمر أن الترهل الإداري قد أصاب حتى المنظمات الدولية كمجلس الأمن على سبيل المثال، وقبل مايربو عن عشرين عاماً بعث الاستاذ عبد العزيز الرفاعي يرحمه الله ببعض الأبيات الى صحيفة المدينة وفيها:
مجلس الأمن «يا لدانا لدانا»
قد فكانا لانه قد أذانا
زغردي يا مزارع القتل والغصب
وردي للهاربين الأمانا
كم أدنّا وكم شجبنا وكنا
نصف قرن نغادر الأوطانا
لغة نحن مبدعوها ... ولكن
كيف بالله قد أجادوا لغانا
فكان رد الاستاذ عبدالله القرعاوي يرحمه الله ببعض الأبيات ونشرت في المدينة يقول:
مجلس الامن قد أضاع الأمانا
ففقدناه بين حانا ومانا
قد أدان اليهود ألف قرار
لحستهم مائير ثم ديانا
ألى آخر بيت استشهد فيه بأمير الشعراء حيث قال: ـ
وإذا لم يكن من الموت بد
فمن العار أن تموت جباناً
ترى كيف لو كان الاستاذان الفاضلان بيننا ليشهدوا على ما أصاب معظم المنظمات الدولية من تراخٍ وترهل إداري وقد يسميه البعض (فساداً) والنتائج الوخيمة المترتبة على هذا الترهل.
قبل أكثر من عقد من الزمان كان هناك كرسي علمي للشيخ عبدالرحمن فقيه لبحوث الجودة النوعية للأدوية بعد أن لاحظ الفروقات في جودة بعض الادوية المستوردة بما فيها التطعيمات والأدوية البيطرية والأعلاف وفرق السعر بين بلد المنشأ والبلد المستهلك للادوية في العالم بإعادة استيراد الدواء المصدر من أمريكا. وتقارير منظمة الصحة العالمية بأن 20% من الأدوية في العالم تعد أقل من المواصفات المطلوبة كأن تكون المادة الفعالة في الدواء محدودة أو تحتوي على شوائب أو مواد سامة ضارة بالصحة مع درجة نقاوة أقل. إن على مركز فقيه للأبحاث والتطوير أو الجهات ذات الاختصاص أن تفصح للمستهلكين عن هذه المحاذير ولعل هيئة الغذاء والدواء لديها ما تقول في هذا الشان وإنا لمنتظرون.