Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ترطيب الأكباد بالترفع عن الأحقاد

حَتى يَتطوَّر الإنسَان ويَتفرّغ للإبدَاع، ويَتمكَّن مِن مَفَاصِل العَمَل المُتقَن، عَليه أنْ يُطهِّر نَفسه مِن مُعوِّقَات العَمَل، ويَتجَاوز حوَاجِز الإتقَان والإبدَاع، وأَعنِي بذَلك مَجموعة الرَّذائِ

A A
حَتى يَتطوَّر الإنسَان ويَتفرّغ للإبدَاع، ويَتمكَّن مِن مَفَاصِل العَمَل المُتقَن، عَليه أنْ يُطهِّر نَفسه مِن مُعوِّقَات العَمَل، ويَتجَاوز حوَاجِز الإتقَان والإبدَاع، وأَعنِي بذَلك مَجموعة الرَّذائِل البَشريّة؛ التي تَصرف الإنسَان عَن عَالَم التألق والإثمَار، مِثل الحِقد والحَسَد، والكُرْه والنَّميمَة، والغيبَة وغَيرها، وسأتناول في كُلِّ مَرَّة ظَاهرة مِن هَذه الظَّواهِر، حَتى نَعرف كَيف تُعيق هَذه الأمرَاض أصحَابها، وتَمنعهم مِن السُّكنَى في قصُور التألق والإبدَاع..!
قِيلَ الكَثير عَن الحِقد، وسيُقال عَنه الأكثَر، والنّصوص الدِّينيّة في كُلِّ الشَّرَائِع تُحذّر مِنه، وتَصفه بأنَّه مَرض يُكبّل يَديَّ صَاحبه، ويَمنعه مِن الانطلَاق، فالحِقد يَحرم الإنسَان مِن الوصُول إلَى المَرَاتِب العُليا، وقَد انتَبَه إلَى هَذا المَعنَى «عنترة العبسي» حِين قَال:
لَا يَحْمِلُ الحِقدَ مَنْ تَعْلو بِهِ الرُّتَبُ
ولَا يَنالُ العُلَا مَن طَبعهُ الغَضَبُ
أَكثَر مِن ذَلك، يُؤكِّد الشَّاعِر المُقنّع الكندي؛ أنَّ رَئيس القَوم وأعلَاهم لَا يَحمل الحِقد، لأنَّ حَمْل الحِقد لَيس مِن خَصَائِص الكِبَار، وفي ذَلك يَقول:
ولَا أَحمَل الحِقد القَديم عَليهم
ولَيس رَئيس القَوم مَن يَحْمِل الحِقد
أمَّا أَنتَ، يَا مَن يُحقَد عَليك، فقَد أَرشَدَك الشِّعر إلَى طَريقة التَّعَامُل مَع الحَقود، حَيث يَقول أحَد الشُّعرَاء الفَلاسِفَة:
كُن كالنَّخيل عَن الأحقَاد مُترفِّعاً
يُؤذى برَجمٍ فيَعطي خَير أثمَار
واصبِر إذَا ضِقتَ ذَرعاً والزَّمَان سَطَا
لَا يَحصل اليُسر إلَّا بَعد إعسَار
مِن زَاويةٍ أُخرَى، هُنَاك وَصفة فِيتنَاميّة تُرشدنا إلَى مُكافحة الحِقد، حَيث يَقول أَهل فِيتنام في أمثَالهم: (أخرِج الحِقد مِن قَلبك لتَشعر بالرَّاحَة)، وهَذا يُؤكِّد المَعنَى الذي صَاغه الإمَام «جعفر الصادق» حِين قَال: (الحِقد لَا يَسكن قَلب المُؤمن، لأنَّ الحَقود مِن أَهل النار)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أنْ نَتوَاصَى بتَرك الحِقد بَينَنَا نَحن الرِّجَال، ولَكن بَين النِّسَاء يَجب أنْ يَكون التَّواصِي أقوَى وأَشدّ وأنكَى، لأنَّ حِقد المَرأة عَلَى المَرأة مِن أسوَأ الأنوَاع، وفي ذَلك يَقول الفَيلسوف «لاندور»: (لَيس ثَمّة حِقد شَديد ومُقيم؛ كحِقد المَرأة عَلَى المَرأة).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store