Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مشروع وطني عاجل لإنقاذ المرور

لن أتناول مُجددًا أعداد حوادث السيارات في السعودية، ولا أعداد الـموتى والـمصابين من أفراد المجتمع السعودي نتيجة تعرضهم لها، إذ يبدو أن الأرقام المجرّدة لم تعد تـحرّك ساكنًا لدى بعض المسؤولين بالرغم من

A A
لن أتناول مُجددًا أعداد حوادث السيارات في السعودية، ولا أعداد الـموتى والـمصابين من أفراد المجتمع السعودي نتيجة تعرضهم لها، إذ يبدو أن الأرقام المجرّدة لم تعد تـحرّك ساكنًا لدى بعض المسؤولين بالرغم من فظاعتها، وأصبح التركيز على رصد مظاهر المأساة فحسب، عوضًا عن إيجاد حلول منطقية لها، مع انتشار الملل والإحباط من استمرار استئثار السعودية بموقع متقدم في القائمة العالمية لنسبة حوادث المرور.
ولن أخفي شعوري بالإحباط الشديد، والاستياء العارم الذي عبّر عنه عدد كبير من الكُـتّاب ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وتناولته تقارير وتصاريح تنتقد استمرار تدهور الذوق العام في القيادة، واستمراء المخالفات المرورية القبيحة حتى صارت أمرًا اعتياديًا وظاهرة طبيعية لا يلتفت لها حتى بعض رجال المرور، الذين يقفون حيالها موقف الـمتفرّج العاجز عن ضبطها، في ظل قلة أعدادهم وقصورهم عن ضبط كثير من السلوكيات المتهورة في الطرق والميادين الكبيرة، ناهيك عن الشوارع الفرعية.
من الواضح أن الطرق في مدن المملكة غير آمنة مروريًا لقيادة السيارات، وحوادثها تكبـّد المملكة «42.2 مليار ريال» سنويًا (صحيفة الجزيرة 18 يناير 2015)، فالقيادة فيها تتميّـز بـخصوصية «حارة كل مين إيدو إلو»!! مع سوء البنية الأساسية للشوارع ورداءة تصميمها وتنفيذها، والزيادة المضطردة في أعداد السيارات، وعدم القدرة الكاملة على تطبيق الأنظمة ومُـحاسبة المخالفين، حتى مع نظام «ساهر»، الذي أدى - في رأيي - إلى التراخي في الاهتمام بـمخالفات خطيرة أخرى لا تقل أهمية عن «السرعة»، والأدهى فـشله في خفض إجمالي الحوادث المرورية التي زادت بنسبة (1%) بعد تطبيقه (صحيفة اليوم، 18 أغسطس 2015).
ليس من العدل أن يتحمّل أفراد المجتمع وحدهم أسباب انتشار المخالفات المرورية، فتكريس ثقافة مرورية واعية مسؤولية حكومية بالدرجة الأولى، وتتحمل مؤسسات الدولة واجب تعليمها للنشء وتطبيقها على جـميع الناس بعيدًا عن المزاجية، لفرض هيبة المرور ورجاله بكلّ الطرق التعليمية والتربوية والتنظيمية والتقنية، ومن المفترض أن تتعاون جميع الجهات الرسمية المعنية كالداخلية والتعليم والصحة والبلدية ومجلس الشورى، في مشروع وطني كبير للرقي بالوعي وتطوير المرور بشكل عاجل، والحد من نزف الدماء وهدر الأموال على الطرقات، كي يتراجع اسم المملكة تدريجيًا في قائمة البلدان الأكثر تأثرًا بالحوادث المرورية القاتلة المدمرة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store