Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جيل أوسلو

عاش أبناء فلسطين مأساة النكبة في 1948، ورحل أبناء فلسطين إلى مخيمات اللجوء وأوكلوا أمر قضيتهم إلى أشقائهم العرب الذين قادوا القضية نحو النكسة في 1967 وضياع البقية الباقية من أرض فلسطين، ولكن جيلاً جدي

A A
عاش أبناء فلسطين مأساة النكبة في 1948، ورحل أبناء فلسطين إلى مخيمات اللجوء وأوكلوا أمر قضيتهم إلى أشقائهم العرب الذين قادوا القضية نحو النكسة في 1967 وضياع البقية الباقية من أرض فلسطين، ولكن جيلاً جديداً ولد مع النكبة وبلغ رشده مع النكسة كان له رأي آخر وقرر أن يأخذ زمام المبادرة بنفسه فتأسست فتح وغيرها من فصائل النضال الفلسطيني المسلح، وخاضوا حرب الكرامة ثم أيلول الأسود ثم غزو لبنان في عام 1982 والانتفاضة الأولى التي انطلقت شرارتها في عام 1987، وبعد أن كادت القضية أن تضيع بين التفريط والتواطؤ استطاع هذا الجيل أن يثبت أن الشعب الفلسطيني هو الرقم الصعب في معادلة الشرق الأوسط.
انتهت هذه المرحلة باتفاقيات أوسلو التي وقعت في عام 1993 وارتفاع الآمال بقرب التوصل إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومنذ ذلك التاريخ بدأت القيادة الفلسطينية بالتخلي عن النضال المسلح وكانت وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات شهيداً شهيداً، كما قال هو نفسه، نهاية الشوط للبندقية وبداية الإعلان عن أن السلام هو الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني والواقع أنه كان الخيار للقيادة الفلسطينية الجديدة ولم يكن بالضرورة خيار الشعب بدليل أن الفلسطينيين شنوا المقاومة المسلحة للإحتلال عبر الانتفاضة الثانية في عام 2000.
اليوم يعيش في فلسطين جيل يمكن أن يعرف بأنه جيل أوسلو، إنه الجيل الذي ولد بعد أوسلو وباع له الجميع أوهام أن السلام هو الخيار الاستراتيجي وأن حل الدولتين قادم لا محالة، وعاشوا في انتظار الفرج يأتيهم من بين أيدي الوسطاء الأمريكان واحداً تلو الآخر دون أن يتمكن أحد منهم من انتزاع سنتمتر مربع واحد من قبضة الاحتلال في القدس والضفة الغربية وبالتالي كانت خيبة أملهم مضاعفة، لقد حدثوهم عن السلام واذا بهم يواجهون سرطان الاستيطان وحدثوهم عن الاستقلال وإذا بهم يجابهون بالذل والاضطهاد وحدثوهم عن كيان الدولة الذي يجري بناؤه فإذا بهم يرون رموز الدولة يتعرضون للقتل والسجن والإهانة ويتفرجون على من بقي منهم سالماً وهم يتبادلون الاتهامات بل والرصاص أحياناً، وكأن الخيار العسكري قد بات مستبعداً إلا في مواجهة الشقيق الفلسطيني في فتح أو حماس.
ماذا تتوقعون من جيل أوسلو إلا أن يثور وينتفض ويعبر عن سخطه وقرفه ورفضه لما آلت إليه الأمور، وأن يتجلى غضبه اليوم في انتفاضة المُدي وهو الغضب الذي يمكن أن يمتد ليشمل القريب والبعيد.
أعيدوا الأمل إلى جيل أوسلو أو أفسحوا لهم المجال ليتولوا زمام قضيتهم وليعيدوا فلسطين إلى قلب الخارطة مثلما فعل جيل فتح وافتحوا أمامهم كل الخيارات الاستراتيجية فحديث التسوية السلمية يكاد أن يغدو سراباً!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store