المغيص: طلال مداح حالة متأصلة في دواخلنا

أكد الموسيقار محمد المغيص، أن الراحل الكبير طلال مداح، يعد حالة متأصلة في دواخلنا، وهو منظومة فنية متكاملة، حيث إنه موسيقار وعازف عود ومطرب وأديب، وقد جمع عدة قمم بشخص واحد اسمه «طلال مداح».. واعتبر المغيص تعاونه مع الراحل الكبير بأنها محطة مهمة في مسيرته الفنية.
الموسيقار محمد المغيص كان قد شارك في احتفائية إذاعة صوت الخليج بقطر مؤخرًا، في مناسبة إحياء ذكرى ميلاد صوت الأرض طلال مداح يرحمه الله، وقد اعتادت الإذاعة على تقديمها سنويًّا، وبثت أغنية الراحل الشهيرة «لو ما أحبك»، ولكن لأول مرة بتوزيع جديد لها، وقد استضافت الإذاعة بهذه المناسبة الفنان محمد المغيص، الذي تعاون مع صوت الأرض في عدة أعمال فنية شهيرة كانت البداية بأغنية «يا حول» والأغنية الوطنية «سعوديين دستورنا شرع الله» وأغنية العيد «كل عام وأنتم بخير» والأغنية الشهيرة «في خاطري شي»، وكذلك أغنية «يا شوق».
وقد استعاد المغيص خلال اللقاء ذكرياته مع الراحل الكبير طلال مداح، وتغنّى بأول عمل جمعهما «يا حول».
وتخللت الحلقة العديد من المداخلات الهاتفية من مقربين للراحل الكبير من فنانين وملحنين، منهم الفنان محمد عمر، وعبدالله النجل الأكبر للراحل طلال مداح، والملحن عبدالرحمن باحمدين، وسمير مبروك قائد فرقة الرياض الموسيقية، والصحافي رامي أمين، والشاعر والإعلامي عبدالله السقاف.. وتم بث مجموعة من تسجيلات سابقة للشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، والعميد طارق عبدالحكيم.
وتحدث الشاعر والإعلامي عبدالله السقاف عن أحد المواقف، التي جمعته بصوت الأرض منذ ما يقارب 45 عامًا وكيف أن الراحل فريد الأطرش طلب من صديقه الراحل الشيخ عبدالرحمن سرور صبان أن يلتقي بطلال مداح بعد أن أستمع لصوته وأعجب به، وكانت الصدفة بأن السقاف وطلال مداح كانا موجودين حينها في القاهرة ودعاهما صبان لمنزله ليتفاجئوا أن فريد الأطرش في صدر المجلس ويطلب من طلال مداح غناء المجسّ الحجازي فبادره طلال واصفًا الأمر بقوله «لا عطر بعد عروس يا أستاذ فريد لن أغني في حضرتك»، فأجابه فريد بالقول أريد أن استمع إلى مجسّات حجازية لأنه لون متميز ونادر في الحجاز، وأبى أن يغني فريد إلى أن يستمع لصوت طلال، وقد تغنى طلال حتى انقضت السهرة وسجل له فريد مجموعة كبيرة من الأغاني، التي احتفظ بها.
أما عبدالله، النجل الأكبر للراحل طلال مداح، فتطرّق إلى مشروع عمل درامي يتحدث عن سيرة صوت الأرض، وأنه بصدد إجراء عدة اجتماعات في الوقت الراهن من أجل وضع الخطوط النهائية لهذه الفكرة، وقال إنه رفض أن تنحصر الفكرة في رؤية شخص واحد بعينه لأن ليس لأحد حق احتكارها والأفضل أن يتولى كتابة السيرة مجموعة ممن عايشوا الراحل في مختلف مراحل حياته. وأضاف عبدالله في هذا السياق أنه سبق وأن تم إيقاف مجموعة من الكتب، التي تتحدث عن سيرة والده لأنه يجب أن تكون السيرة مبنية على أسس ومعلومات صحيحة.
فيما قال الفنان محمد عمر: إنه كان يحلم أن يرى الراحل طلال مداح، وقد سنحت له الفرصة أثناء وجوده في القاهرة برفقة الملحن سراج عمر وقد حالفه الحظ بزيارة الراحل طلال مداح في منزله هناك وكان يوجد معه أثناءها الراحل المصري الإعلامي وجدي الحكيم قبل حفل زمان الصمت، ولقد غنى أمامه لأول مرة محمد عمر فقال طلال متبسمًا لوجدي الحكيم لماذا لا يغني معي محمد عمر في هذا الحفل.
ويردف عمر قائلًا: إن طلال مداح إنسان بسيط وجميل وقلما أن نجد فنانًا بهذه الروح وقد زرع في داخلي الثقة ومنحها لي وكان سببًا في انتشاري فنيًا.
فيما ذكر الملحن عبد الرحمن باحمدين في حديثه بأنه نشأ على الفن العظيم الذي جاء به الراحل طلال مداح عندما كانت بداية التحسس للأغنية المكبلهة، حيث جرت العادة قبلها عند المطربين السعوديين أن يلحنوا أي عمل بأسلوب ما يسمى بأغنية اللحن الواحد، ثم لحن وغنى طلال مداح الكثير من الأعمال المكبلهة بداية بأغنيته الشهيرة «وردك يا زارع الورد» ثم أغنيات «مجروح وأئن» و»هو حبك» وغيرها، فارتقى بالذائقة بفنه الأصيل الثري للغاية ووضع الأغنية السعودية على مصاف العالم العربي.
كما تداخل أيضًا سمير مبروك قائد فرقة الرياض الموسيقية، وتحدث عن أحد المواقف الطريفة عندما كان طلال يحب اقتناء آلة الكمان من بعض أفراد الفرقة.
وأخيرًا قال الصحافي رامي أمين: إن الراحل طلال مداح يرحمه الله كان مدرسة تأسّست وأسّست معها ذائقة تعدّت المحلية إلى العربية لعمقها وعبقريتها الفنية، كما أنها استطاعت لسلاستها أن تجعل اللهجة السعودية لهجة محبّبة وقريبة من الأذن العربية، كما أن لصوت الأرض مكانة مهمة وحية في وجدان الناس، ولم يزل اسم طلال مداح يسري في ذاكرة الصحافة السعودية على المستويين الإنساني والفني رغم مرور قرابة خمسة عشر عامًا على وفاته.
يذكر أن الحلقة بثت من الدوحة من إعداد وتقديم عادل عبدالله، وأشرف عليها حمد الكواري، كما أشرف عليها فنيًا محمد عبدالله، بينما نفذها على الهواء فيصل الشيراوي، ومن التنسيق أحمد العتاب.