Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حضارة وهمية

من يتمعن جيداً في المكون الحضاري الذي تعيشه بلادنا في هذه المرحلة الزمنية يبدو له أننا نعيش مرحلة حضارية متقدمة نساير فيها دول العالم المتقدم المنتج حيث أصبح في متناول أيدينا كل مقومات الحياة الحديثة

A A
من يتمعن جيداً في المكون الحضاري الذي تعيشه بلادنا في هذه المرحلة الزمنية يبدو له أننا نعيش مرحلة حضارية متقدمة نساير فيها دول العالم المتقدم المنتج حيث أصبح في متناول أيدينا كل مقومات الحياة الحديثة وكل متطلباتها من غذاء وكساء ودواء ،لكن الذي ينظر لها من زاوية تشخيصية علمية يجد أن كل تلك المكونات ماهي الا حضارة وهمية كونها مستوردة من الدول المنتجة لا ناقة لنا فيها ولا بعير ،حتى أبسط الأدوات والمستلزمات الحياتية التي نستخدمها من غذاء وكساء ودواء أصبحت مستوردة وما نحن أمامها الا طائفة مستهلكة غير منتجة .
وحول ذلك الواقع المؤلم توقفت قليلاً وأنا استلهم بعض ما سمعته أو عايشته قبل نصف قرن حينما كانت أغلب المواد التي نستهلكها من دواء وكساء وغذاء من صناعتنا المحلية أو إنتاجنا المحلي وخاصة في المناطق الريفية والبدوية وكانت أسواقنا تعج بتلك المنتجات الرائعة حيث كنا أمة منتجة تأكل مما تزرع وتلبس وتستطبُّ مما تصنع وقلَّما نجد مادة مستوردة الا النزر اليسير منها ، أما اليوم وبعد مرور عدة عقود وبعد القفزات الحضارية التي يعيشها العالم من حولنا وبعد الانفتاح الهائل على العالم المحيط بنا وبعد انتشار وسائل النقل الحديثة السريعة براً وجواً وبحراً وبعد حالة الثراء الفاحش الذي منحنا إياه ربنا سبحانه أصبحت أغلب بضائعنا من غذاء ودواء وكساء مستوردة من الخارج وقلما نجد منجزاً ننتجه محلياً بصورة كلية وان وجد فإن مكوناته من المواد أغلبها مستورد من الخارج والأدوات المصنعة له مستوردة من الخارج وأغلب الكوادر البشرية القائمة عليه قادمة أيضاً من الخارج ثم يبقى الأمر المحزن في نفس الوقت أن أهم ثروة تنتجها بلادنا وهي البترول نقوم بتصدير أغلبها الى الخارج كمادة خام ثم نراها بعد حين تعود إلينا بضائع مصنعة نشتريها بعشرات أضعاف أثمانها التي بعناها بها، وأما ما نقوم بتصنيعه منها محلياً فان الحال يبقى مجزوز الفائدة حيث نجد أن كافة تجهيزات المصانع مستوردة بالكامل من الخارج بالإضافة الى أن الأعداد الهائلة من الكوادر العاملة في تلك المصانع قادمون من الخارج وكل هذا أراه يفضي بنا الى أن نكون أمة مستهلكة لانفيد من ثرواتنا في بناء تنمية مستدامة قابلة لمواجهة كافة الظروف المستقبلية . والله من وراء القصد ،،
. والله من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store