Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

العبث والجنون الروسي

قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية « دميتري بيسكوف» أن تعامل تركيا مع أزمة إسقاط الطائرة الروسية ذكّره « بمسرح العبث « دعني أتساءل عما فعلته روسيا في سوريا؛ الصمت، والدعم لبشار منذ الثورة السورية، بالرغ

A A
قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية « دميتري بيسكوف» أن تعامل تركيا مع أزمة إسقاط الطائرة الروسية ذكّره « بمسرح العبث « دعني أتساءل عما فعلته روسيا في سوريا؛ الصمت، والدعم لبشار منذ الثورة السورية، بالرغم من استخدامه كل وسائل القتل والإبادة ضد الشعب السوري ألم يذكره « بمسرح العبث» ؟ ولا على رأي « مين يقول للغولة عينك حمرا «.
لا أدافع عن أردوغان ، ولا تروقني سياسته ،أو موقفه من مصر إبان ثورة 30 يوليو 2013م ، ودعمه للإخوان وتناقض خطابه ( الإخونجي العلمنجي ) فحزب العدالة والتنمية الذي أوصل أردوغان الى كرسي الرئاسة حزب إخواني، ومع ذلك يقول أردوغان أن تركيا دولة علمانية، هذه نقطة جوهرية هزَّت صورة أردوغان، التي تغنى بها بنو يعرب قبل كشف وجه الإخوان البشع وتنظيماتهم الارهابية.
الازدواجية ،والتعامل مع قضايا الفساد التي حدثت قبل ذلك ،وقمع المتظاهرين ،كل ذلك لا يجعلني أنحاز الى أردوغان لأني لست من أنصار « أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب « ،لكني أحب تركيا كدولة حباها الله بمقومات الجمال الطبيعية والتراثية والفن العمراني والاطلالات البحرية والجبال المكسوة بالخضرة. تركيا بعيداً عن السياسة لابد أن تحبها حد العشق، ومع ذلك تظل السياسة مؤثراً أحياناً حتى على مشاعرك كما حدث خلال الأزمة المصرية التركية مع أني لا لي في ( الثور ولا في الطحين ) كما يقولون مجرد مشاعر حب طغت لثورة المصريين على الإخوان، وهذا مر به الكثيرون من أبناء وطني ودول الخليج التي بادرت لدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي وعلى رأسها السعودية والإمارات والكويت.
أعود للموقف الروسي من اسقاط الطائرة الروسية والتصعيد الذي أحدث التوتر ليس فقط بين تركيا وروسيا بل على مستوى الوطن العربي الذي تحول الى « مسرح للعبث « التهديدات، ومزاعم كشف تعاون تركيا مع داعش ، عن طريق شراء البترول، وضرب شاحنات نقل البترول من قبل روسيا كما يزعمون، منتهى العبث، لأن روسيا التي جاءت الى سوريا بقضها وقضيضها لمحاربة داعش لم تتعرض لقافلة كاملة من الدواعش بسياراتهم وأسلحتهم وزيهم الأسود وهم يسيرون بأمان تام في رحلة الهجرة من الشام الى العراق، هذا المشهد المثير عرضته قناة العربية قبل أسبوعين تقريباً، وكان الخبر يحذر من أن وصول داعش الى المدن العراقية المكتظة بالسكان المدنيين يصعب خطط القضاء على هذا التنظيم الداعشي الذي رأيته يتنقل بمنتهى الحرية وروسيا على الأرض السورية لمحاربته كان يمكن ببساطة إبادته بضربة جوية.. أليست هذه عبثية؟!
مسرح العبث يبلور رؤية الفيلسوف الوجودي البير كامي في مقاله ( أسطورة سيزيف ) 1942م ، تعبر عن ( عبثية وضع الانسان في الكون وهي رؤية توحي بالشعور بالعبث الحقيقي وصراعه مع نفسه أو غيره للعثور على غاية أو هدف معقول لوجوده) وهذا هو ما تفعله روسيا، استخدامها حق الفيتو ضد قرارات الأمم المتحدة للتدخل ونجدة الشعب السوري قبل تفاقم الأوضاع، وتحول الأراضى السورية الى ثكنات عسكرية للجماعات الإرهابية ، مبرراً لوجود القوات الروسية، أليست هذه عبثية؟!
انتظرت أربع سنوات ليخلو لها ليس الجو فقط بل حتى الأرض لتصبح اللاعب الوحيد على الأرض السورية، بعد هروب الشعب السوري لاجئاً متسولاً ليبقى بشار في الحكم على رقاب العباد، أليست هذه عبثية؟!
ألم يتذكر المتحدث الرسمي، العبث والجنون خلال أربع سنوات قتل فيها الملايين من السوريين وهرب الملايين، بالدعم الروسي والايراني، بينما تذكر مسرح العبث لأن تركيا أسقطت طائرة روسية بمقاتليْن، بينما تقتل المقاتلات الروسية المعارضة السورية وتترك « داعش « تغادر سوريا في موكب طويل مدجج بالسلاح والارهابيين في وضح النهار وعلى عينك ياتاجر ، ألا يمثل هذا العبث والجنون بعينه كما وصف بيسكوف إسقاط الطائرة الروسية؟!
nabilamahjoob@yahoo.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store