Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«البطش الروسي» مقابل الصياح الغربي

«الدبُّ الروسيُّ» مصطلحٌ يُطلق على روسيا على الدوام، ويُستخدم في رسوم الكاريكاتير؛ ليشير إلى روسيا في كل دول الشرق والغرب.

A A
«الدبُّ الروسيُّ» مصطلحٌ يُطلق على روسيا على الدوام، ويُستخدم في رسوم الكاريكاتير؛ ليشير إلى روسيا في كل دول الشرق والغرب. وقد استُعير هذا الاسم ليُطلق على روسيا من هذا الحيوان القطبي الشهير، الأبيض الفراء، الضخم الجثة، العظيم الأنياب والأظافر، الشرس الطباع، الذي لا يهمّه إلاَّ اصطياد فرائسه بأي وسيلة كانت، بكل بطش وشراسة، ولا يُؤمَن جانبه من قِبل البشر قبل أن يُؤمَن من الحيوانات الضعيفة، قليلة الحيلة التي تمثّل له دائمًا الفريسة السهلة، التي لا يتردّد في اصطيادها، وتمزيقها شرَّ ممزَّق، ويبدو أن أوجه الشبه بين هذا الدبِّ، والحكم الروسي كثيرة، فهو يتّسم بالعدوانية -تمامًا كالدبِّ الروسيّ- إضافة إلى التسلّط، والاعتداء على الشعوب الأخرى، بدءًا بعهد القياصرة، ووقوفًا عند الثورة البلشفية، وتأمّلاً فيما فعله السوفييت بالجمهوريات المستقلّة، التي ضمّوها إلى معسكرهم، ومصادرتهم لحرّيات شعوبها، وطمسهم لهويّاتها، وفصلهم لها عن أديانها ومعتقداتها، وخصوصًا الإسلام الذي ظل محاصرًا بين منجل الشيوعية ومطرقتها، لما يقرب من مئة عام، وبعد انهدام إمبراطورية الإلحاد والتجديف عاد الإسلام قويًّا كما كان، بل أكثر قوة في تلك الجمهوريات التي استقلّت مجددًا، ولم تستطع الشيوعية الحمراء أن تلطّخ قلوب المسلمين البيضاء، رغم كلِّ القهر، والظلم، والجبروت.
ولا يغيبُ عن البال كذلكم الدكتاتور الأشهر في العصر الحديث: «ستالين»، الذي أصبح مدرسة في الدكتاتورية، والظلم، والاستبداد، حتّى وصلنا إلى عهد بوتين، ومديديف الذي يؤصل لصورة الدبِّ الروسيّ المفترس الضاري بأظافره وأنيابه، والدبّ الروسيّ اليوم عاد ليكشّر عن أنيابه، فأنشبَ أظافره، وغرز أنيابه في فرائس عدّة، كانت آخرتها (أوكرانيا)، حين نهش خاصرتها الرخوة (القرم) كاملة، وفصلها عن جسدها فصلاً تامًّا بضربة خاطفة من مخالبه، تمامًا كما يفعل الدبُّ الروسيُّ دومًا، الذي يستطيع فصل رأس إنسان، أو حتى حيوان ضخم عن جسده بضربة واحدة من يده العظيمة. وها هي شبه جزيرة القرم، وقد أصبحت جمهورية مستقلّة بين عشية وضحاها، وبعد أن كانت جزءًا من أوكرانيا باتت تابعة للاتحاد الروسي، أمّا آخر فريسة لهذا الدبِّ المتوحّش فكانت سورية -على مرأى ومسمع من العالم كله- فقد جاء الدبُّ بخيله وخيلائه لافتراسها، وتقطيع أوصالها، وانهالت صواريخ الروس، وقذائفهم على رؤوس مَن تبقّى من أبناء الشعب السوريّ من أهل السُّنَّة تحديدًا؛ بحجّة محاربة (داعش)، التي لم تُمَس منذ بدء الحملة الروسية المزعومة عليها، بل ازدادت شراسة، ودموية، وقتلت المئات في فرنسا، وفي لبنان، وغيرهما، وإزاء هذا الاعتداء الروسيّ على الشعب السوريّ، كما سبق له الاعتداء على الشعب الأوكرانيّ، وقديمًا على الشعب الأفغانيّ، والقائمة تطول، لا نسمع من أمريكا، وحلفائها إلاَّ الصياح، والنواح، وهو ما لا يعبأ به الدبُّ الروسيُّ، ولن يعبأ، ولم تهز كيانه حقًّا إلاَّ واقعة إسقاط الطائرة في تركيا، التي كسرت كِبره، وطأطأت رأسه، ورؤوس أذنابه السوريين، والفرس، والعراقيين.. والسؤال الكبير: هل يعبأ الروس بالصياح، والنحيب مقابل أزيز القنابل والصواريخ التي يمطرون بها السوريين كلّ يوم؟ وكما قلتُ سابقًا: ما لم يُغيِّر الغرب -ومعه أمريكا- سياسته القائمة اليوم على الخنوع، والخضوع، والاستسلام، فإنَّ الدبَّ الروسيَّ سيسعَى إلى افتراس، وابتلاع سورية بالكامل، كما ابتلع القرم وسواها من قبله.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store