Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إلى جنة الخلد معلِّم القرآن

الموتُ هو الحقيقة التي لا مفرَّ منها..

A A
الموتُ هو الحقيقة التي لا مفرَّ منها.. عندما سمعتُ خبر وفاة الشيخ الجليل ومعلِّم الأجيال (الأستاذ عبدالوهاب زمان) بكيتُ كثيرًا، وترحَّمتُ عليه، وفكَّرتُ كيف نُبلِّغ والدي -حفظه الله- وهذا الرجل مَن فتحت عيناي على الدنيا وأنا أراه، وأسمع صوته، وذكره العطر يملأ حياتنا.. ولا نقول إلاَّ (إنّا لله وإنّا إليه راجعون)، اللهمَّ أجرنا في مصيبتنا.. فكلُّ عائلتي يكنُّون لهذا الرجل مكانةً عظيمةً، ويكفيه فخرًا وعزًّا وكرامةً أنَّه معلِّمٌ للقرآن الكريم.
سألتُ أبي: منذُ متى تعرفه؟ فقال: منذُ زمنٍ طويلٍ على امتداد مسيرتنا في التعليم، «أربعين عامًا، ويزيد»، عرفته معلِّمًا في مدرسة سلمان الفارسي، واستمرّت إخوّتنا وصداقتنا.
عدتُ بذاكرتي لأيام الطفولة، وأنا استمتعُ بحديثه، هذا الرجل الذي حفظ القرآن، وأسبغ الله عليه من نعمه الظاهرة والباطنة في حياته، وهيئته، وهيبته، وبركة في زوجه وأولاده، فكان -ومازال- بيته عامرًا بحفظ كتاب الله.
حقًّا وصدقًا من نعم الله التي تُذكر فتُشكر أنْ يمنَّ اللهُ عليك في حياتك بشخصيات عظيمة، عاشت مع الله، ومع كتابه، وانتهجت سيرة الأتقياء.
زوجته من أقرب الناس إلى قلب أمّي -رحمها الله- يطيب لمسمعي كلماتها التي تردّدُ دومًا أطيبَ وأصدقَ الدعواتِ، وأسألُ الله لها ولولدها الدكتور «حسام زمان» مدير المركز الإقليمي للجودة، ولأخواته الصبر والاحتساب.
«عبدالوهاب زمان» علمٌ من أعلام المدينة النبوية، وسيخلِّد التاريخ ذكراه العطرة، وأنا أكتب كلماتي هذه، وإذ بإخوتي يرسلون لي مقطعًا عبر اليوتيوب، يتحدّث في برنامج مسافر مع القرآن، عن دار القرآن في المدينة النبوية التي ختم مسيرته التعليمية في الإشراف عليها، وتعليم الأطفال والكبار القرآن الكريم، والتي يبلغ عدد طلابها 900 طالب، وقد بلغ أصداء هذه المدرسة كل بقاع المعمورة في الإشراف على المقرأة القرآنية الإلكترونية، التي تعلّم المسلمين تلاوة كتاب الله.
حلقات الذكر، وتحفيظ القرآن في المسجد النبوي ستبقى شاهدة لك ولدروسك، بيتنا سيبقى عطرًا برائحتك. صوتك وهيئتك واستقبالك لي مع والدي -حفظه الله- وإكرامك له سيبقى خالدًا في ذاكرتي، دعواتك لي لن أنساها ما حييتُ.
عندما عاد والدي من بيتك، بعد أن تلقى العزاء فيك قال لي: يا ابنتي: أوصيك خيرًا بصديق عمري، اكتبي عنه ما يليق به، وهذا يا أبي جهد المقل في الكتابة عن هذا الشيخ الجليل -تغمده الله بواسع رحمته- وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store