Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قضاء الوطر من شعر المطر

عِشْنَا مُؤخَّرًا مَع أَخبَار المَطَر وتَداعياته، وتَعليق الدِّرَاسَة فِيهِ، ونَظرًا لأنَّ الكُلَّ يَتحدَّثُ عَن هَذا السَّيل، وتِلك الأمطَار، فلَن أَخوض مَع الخَائِضين، بَل سأعتَصم بالشِّعر، لأَقرَأ

A A
عِشْنَا مُؤخَّرًا مَع أَخبَار المَطَر وتَداعياته، وتَعليق الدِّرَاسَة فِيهِ، ونَظرًا لأنَّ الكُلَّ يَتحدَّثُ عَن هَذا السَّيل، وتِلك الأمطَار، فلَن أَخوض مَع الخَائِضين، بَل سأعتَصم بالشِّعر، لأَقرَأ شَيئًا مِن عَلَاقة الشُّعرَاء بالمَطَر، ومَا يُرافقه مِن أصوَاتٍ وبرُوقٍ وأضوَاء..!
إذَا جَاء المَطَر؛ فإنَّ الإنسَان يَتذكَّر -فَورًا- قصيدَة الشَّاعر العِرَاقي الكَبير «بَدر شَاكر السيّاب» أنشُودة المَطَر، التي غَنَّى جُزءًا مِنهَا مُطربنا الكَبير «محمد عبده».. حَيثُ تَقول بَعض أبيَاتها:
أتعلمينَ أيَّ حُزْنٍ يبعثُ المَطَر؟
وَكَيْفَ تَنْشجُ المزاريبُ إذَا انْهَمَر؟
وكيفَ يَشْعُرُ الوَحِيدُ فِيهِ بِالضّيَاعِ؟
بِلا انْتِهَاءٍ -كَالدَّمِ الْمُرَاقِ، كَالْجِياع،
كَالْحُبِّ، كَالأطْفَالِ، كَالْمَوْتَى- هُوَ الْمَطَر!
أكثَر مِن ذَلك، هَذا شَيخنا الشِّعري «نزار قبّاني»، سَبَقَنَا إلَى مُصطلح «عُقدة المَطَرِ»، وكَأنَّه يَتحدَّث عَن وَاقِعنَا، حَيثُ يَقول:
أَخَافُ أَن تَمْطِر الدُّنيَا، ولَستِ مَعِي
فمُنذُ رُحتِ وعندِي عُقْدَةُ المَطَرِ
كَان الشِّتَاءُ يُغطِّينِي بمَعطفهِ
فَلَا أُفكِّر في بَردٍ ولَا ضَجرِ
وإذَا كَان الشِّعر والمَطَر يَتعَانَقَان، فإنَّ الشَّاعِر الكَبير «محمود دَرويش» سيَحضر فَورًا، خَاصَّة وأنَّه صَاحب «المَطَر الأوّل»، حَيثُ يَقول:
كَانَ لِي في المَطَرِ الأوّل
يَا ذَاتَ العيُون السُّود بُستَان ودَار..
كَان لِي مَعطف صُوفٍ وبذَار..
كَان لِي في بَابِك الضَّائِع لَيل ونَهَار..
ولَم تَكُن الأمطَار مُؤثِّرة عَلى الشُّعرَاء فَقَط، بَل الشَّاعِرَات خَاطَبْن المَطَر، وتَشَابَكْن مَع زَخّاته، لهَذَا تَقول الشَّاعِرَة العِرَاقيّة «نَازك المَلائِكَة»:
أَمْطِرِي، لَا تَرحمي طَيفي في عُمقِ الظَّلامِ
أَمْطِرِي، صُبِّي عَليَّ السّيل، يَا روح الغمَامِ
أَمْطِرِي، سِيلِي عَلى وَجهِي، أَو غشّي عيُونِي
بَلَّلي مَا شِئتِ كفّي وشَعري وجِبِينِي
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أنْ نَختم بكَلام كَأنَّه المَطَر، للشَّاعِر العِرَاقي الذي صَار اسمه قَرينًا بالمَطَر، وهو «أحمَد مَطَر»، حَيثُ يَقول في مَطلع قَصيدته «حِوَار عَلى بَاب المَنْفَى»:
لِمَاذَا الشِّعرُ يَا مَطَرُ؟
أَتَسْأَلُني لِمَاذا يَبزُغُ القَمَرُ؟
لِمَاذَا يَهطِلُ المَطَرُ؟
لِمَاذَا العِطْرُ يَنْتَشِرُ؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store