Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«مَلَل» ... وادٍ أصبح اسمه بصمة تاريخية

No Image

اهتم مؤرخو السيرة النبوية وغزواته صلى الله عليه وسلم بالطرق التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزواته، حيث ذكروا المواقع الشهيرة التي مرّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا أماكن صلى ب

A A
اهتم مؤرخو السيرة النبوية وغزواته صلى الله عليه وسلم بالطرق التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزواته، حيث ذكروا المواقع الشهيرة التي مرّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا أماكن صلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر ابن هشام الطريق الذي سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيشه في غزوة بدر من المدينة النبوية إلى مدينة بدر، حيث يقول: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى العقيق ماراً بنقب المدينة إلى ذي الحليفة، إلى ذات الجيش، إلى تربان، ثم على ملل، ثم إلى غميس الحمام، إلى صخيرات اليمام، إلى السيالة، إلى فج الروحاء، إلى شنوكة، إلى عرق الظبية، إلى الروحاء، ونزل على بئر بها يسمى سجسج ( وهي بئر الروحاء). ثم ترك طريق مكة عن يساره ومرّ على النازية إلى رُحقان ( بين النازية ومضيق الصفراء ) ثم مرّ على مضيق الصفراء، ثم ترك جبلي الصفراء والصفراء عن يساره، فمرّ على وادي ذفران فلما اجتازه نزل، ومن ذفران سار إلى الدبة، فمر على ثنايا الأصافر، ثم نزل الحنّان وهو كثيب عظيم على اليمين ثم نزل قريباً من بدر، وقد تم ذكر البعض من تلك المواقع في هذه الزاوية مسبقاً، ومن تلك المواقع التي نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذهابه إلى بدر ملل (وادي ملل)، ووادي ملل يلي نهاية تربان، ولازال يعرف بهذا الاسم، ويفضي في أسفله إلى إضم، وأصل إضم وادٍ كبير أطلق هذا المسمى على مجمع أودية المدينة المنورة عندما يلتقي وادي العقيق مع وادي قناة في نهاية غرب الجزء الشمالي من جبل أحد. وقد ذكر ملل جميع المؤرخين، يقول الحموي: «ملل وادٍ ينحدر من ورقان جبل مزينة حتى يصب في الفَرْش فرش سويقة، ثم ينحدر من الفرش حتى يصبّ في إضم، وإضم وادٍ يسيل حتى يفرغ في البحر». وقال الحربي: « وادٍ فحلٌ ينقضّ من جبال قدسٍ، فيمرّ على نحوٍ من أربعين كيلا جنوب المدينة، فينضمّ إليه واديان، هما: الفريش وتربان، فإذا اجتمعت سمّي المكان فرش ملل (ويطلق عليه حالياً الفُريش)، ثمّ يسير ملل حتّى يصبّ في إضم ( وادي الحمض اليوم ) غرب المدينة. ونقل شعراً عن أم العرب الخزاعية، تناول هذا الشعر حبّ رجل تجاوزت السبعين لحولاء (امرأة حولاء أي: في عينها حول):
تحاولتْ وليسَ بالعينِ حوَلْ
إلاّ لكيْ تقْتُلَ شيخاً قد أكلْ
سبعين عاماً، وتبغاه الأجلْ
وهاجر العُذَّال فيها فاحتمل
إلى أن تقول:
ونحن .. في السّرور والجذَلْ
والصبر يحدو بالمديد والرّملْ
( آهاً يدَا ويَدَاهُ ) يا جملْ
لا نبتغي أوصاف نؤيٍ وطَلَل
لِـملل، ولا لسكان مَللْ
وقال أبو عبيد البكري: « وملل يميل يسرة عن الطريق إلى مكة وهو طريق يخرج إلى السيّالة، وبملل آبار كثيرة «. أما سبب تسميتها بالملل فقيل لأنّ الماشي إليه من المدينة لا يبلغه إلا بعد جهد وملل. ويذكر وادي ملل في بعض كتب الحديث فعن عائشة رضي الله عنها قالت: « أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بملل ثم راح وتعشى بشرف السيالة، وصلى المغرب والعشاء، وصلى الصبح بعرق الظبية دون الروحاء في مسجد عن يسار الطريق». وقال جعفر بن الزبير يرثي ابناً له مات بملل:
أهاجك بين من حبيب قد احتمل
نعم ففؤادي هائم القلب مختبل
أحزن على ماء العشيرة والهوى
على ملل يا لهف نفسي على ملل
فتى السن كهل الحلم يهتز للندى
أمر من الدفلى وأحلى من العسل
وقد سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الوادي عدة مرات في غزواته، أو في ذهابه إلى مكة، وقد ضُمِّن وادي ملل ضمن الطريق النبوي إلى بدر (غزوة بدر الكبرى)، كما سلكه صلى الله عليه وسلم أثناء غزوة بدر الأولى
وأثناء غزوة بدر ( الموعد )، وفي غزوة الأبواء، وغزوة المريسيع، وغزوة الحديبية، وغزوة فتح مكة، ولايخلو أي كتاب يتناول غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم أو سراياه إلا ويتناول وادي ملل، ولايبلغه الحاج أو زائر المدينة المنورة إلا بعد جهد جهيد، ويذكر بعض المؤرخين أن ( برد الفريش ) يهلك كثيراً من أصحاب القوافل،
وكذا وجود بعض الحيوانات المفترسة ( مثل الذئب )، وهناك مثل شعبي يقول : ( مَنْ سَلِمَ مِنْ برْد الفُريش لَمْ يَسْلَمْ مِنْ ذئب ملل).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store