عندما ظهر التشيُّع عند العرب في عهد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان تشيُّعًا سياسيًّا، أي أن يكون الحاكم السياسي من آل البيت، ولم يكن مذهبًا عقديًا، وكان الصراع بين الأسر القرشية النافذة حتى تغلب بنو أمية فقاد آل البيت دعوة ليكون الحكم فيهم، حتى إذا ما وصلوا للحكم وحكم بنو العباس قاد الطالبيون دعوة ليكون الحكم فيهم إلى أن انتهز الفرس الدعوة في العهد العباسي وحولوه إلى عقيدة دينية ترى أن الحكم واجب عقدي في أن يكون في آل البيت وحددوا الأئمة حتى جعلوا آخرهم غائبًا إلى آخر الزمان، فالظاهر هو دعوة سياسية لآل البيت والباطن سعي لإعادة حكم فارس الذي سقط في عهد عمر -رضي الله عنه- ولذا شنوا عداء لهذا الخليفة ونصبوا مزارًا لقاتله أبي لؤلؤة وسموه بابا شجاع الدين.
وفي عهد البويهيين ثم في العهد الصفوي سعوا لإعادة حكم كسرى، ولكنهم أخفقوا غير أنهم ورّثوا ذلك لأجيالهم، وأنشأوا ما عرف بالشعوبية وهي كره العرب وتحقيرهم حتى لو اعتنقوا المذهب الإمامي، واستمروا قرونًا يدعون للإمام الغائب إلى أن أوجدوا الحاكم السياسي البديل لولاية الفقيه.
بعد ثورة الخميني استحدث ما عُرف بولاية الفقيه وهي نيابة أحد العلماء عن الإمام الغائب سياسيًا وتبنوا تصدير الثورة، ودرسوا في حوزاتهم طلابًا من عدد من الدول الإسلامية لبث المذهب في بلدانهم ونجحوا في ذلك حتى في إفريقيا.
سعت إيران منذ الثورة الخمينية إلى إلباس السياسة لباس الدين، وادعت أنها مسؤولة عن كل شيعة العالم، وغذت الكراهية بين الشعوب وأنشأت الحسينيات فيها (وهي دور عبادة استحدثت في القرون الأخيرة) وسخرت المذهب لطموحات توسعية سياسية، نجحت فيها في عدد من الدول العربية، وبدا واضحًا أنها تسعى لتوسع سياسي يعيد أمجاد الحكم الفارسي للمنطقة، متخذة من الطائفية وتصدير الثورة سلمًا للوصول إلى أهداف سياسية إقليمية.
منذ وجدت الفرق الإسلامية وهي تختلف خلافات دينية، وكل يتسع صدره ليعيش الآخر، غير أن إيران الآن تفتخر أنها هيمنت على ثلاث عواصم عربية، وتسعى لزيادة هيمنتها لأهداف توسعية سياسية تدخل في أحلام إعادة الحكم الفارسي للمنطقة وليس التشيُّع إلا ثوبًا يخفي تحته إعادة الحكم الفارسي وهو الحلم الذي ورثته الأجيال لبعضها، ولم يجدوا سبيلاً إلا بأن يدخلوا عن طريق العقيدة واستحدثوا ما سمّوه ولاية الفقيه ليكون الفقيه حاكمًا تُصدَّر عن طريقه الثورة وهي ولاية سياسية ودينية.
إيران وأحلام الهيمنة الفارسية
تاريخ النشر: 11 يناير 2016 01:38 KSA
عندما ظهر التشيُّع عند العرب في عهد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان تشيُّعًا سياسيًّا، أي أن يكون الحاكم السياسي من آل البيت، ولم يكن مذهبًا عقديًا، وكان الصراع بين الأسر القرشية النافذة حتى تغلب ب
A A