Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

من ترضون دينه

مدت يديها إليَّ وأنا أنظر إلى وجهها المختبئ تحت الخمار الأسود ويطوف بذهني قول مسكين الدارني شاعر المدينة: قل للمليحة في الخمار الأسود، لم أكن أبحث عن ملاحة، بل عن هوية!

A A
مدت يديها إليَّ وأنا أنظر إلى وجهها المختبئ تحت الخمار الأسود ويطوف بذهني قول مسكين الدارني شاعر المدينة: قل للمليحة في الخمار الأسود، لم أكن أبحث عن ملاحة، بل عن هوية!
المرأة التقيت بها في صالة المطار، سلَّمت وظنت أني عرفتها، ثم هاهي تتقدم إلي في الطائرة تحمل بيديها كمية من الأوراق، تقدمها الي وترجوني الاهتمام بها.
استلمتها منها ، والأفكار تلوب داخل رأسي، من هي هذه المرأة؟ فضضت الأوراق بسرعة علَّني أجد فيها تعريفاً للمرأة، لكني قرأت مأساة أسرة تشاهد ابنتها تنتهك وتهان، ثم ينزع منها طفلها بكل قسوة وهي لا تملك لها شيئاً، في ظل الجهل، أو الخوف، أو ضغط البيئة الاجتماعية التي تفرض لبس أقنعة السعادة والرضا.
كل ما ذكرته الأم ؛ يؤكد أنهم أسرة شديدة التدين التزمت بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم « زوجوا من ترضون دينه وأمانته « ارتضت لابنتها التي لم تبخل عليها بالحب والرعاية والتعليم والتثقيف برجل ظنوا أنه « يخاف الله « فمن يخاف الله يُؤمن جانبه ويُؤتمن على الولد والعرض والمال، لكن للأسف ماقرأته في رسالة الأم، صورة شاذة لمدعي التدين، سلوك هذا الزوج يسيء للدين الحنيف بشكل بشع ومخيف وهو بمفهوم الواقع رجل دين، يؤم الناس في المسجد ويصلي بهم «تمتد لحيته إلى أول صدره، وثوبه إلى نصف ساقه «- كما جاء في وصف الأم - ومع هذا يمارس كل سلوكيات سوء الخلق من بخل وقسوة، وعنف وتجبُّر في حق فتاة زُوِّجت لتسعد، فلم تجد غير البخل حد التجويع مما يستدعي تدخل الأهل بإمدادات من السوبرماركت ومما تُعده الأم التي انفطر قلبها على ابنتها وهي تراها تصارع لتستمر حياتها الزوجية ومع هذا لم تستطع الصمود، عندما بلغ بها الصبر منتهاه بعد حفلة ضرب ورفس قررت الفرار، استنجدت بأهلها كي يأتوا لإنقاذ مابقي من حطامها ، لكنه استطاع أن يخطف وليدها الذي لم يكمل عامه الأول وهي كطائر جريح، قُصقصت أجنحته التي كان ينوى التحليق بها فهوى صريعاً ،أي استسلام كامل للعودة للحياة مع هذا الزوج الفظ غليظ القلب.
تطورت قوانين القضاء فيما يخص المرأة، لكنَّ كثيراً من أصحاب القضايا كهذه الأسرة ربما لا يعرفون كيف يتصرفون خصوصاً إذا كانت الخصومة مع مدعي التدين، لكن هل يتم من خلال القضاء إعادة تربية هذا المخلوق المشوَّه وتأديبه وتعويض الزوجة عن كل ما أصابها خلال السنوات التي عاشتها معه في رعب وخوف وجوع، أم يطلب منها رفع دعوى خلع، أم اللجوء الى إصلاح ذات البين وإخضاع الزوجة لوجهة نظر بعض من يتعاطف مع هذا المظهر المخادع؟
اعتدنا الصمت والصبر حتى لو نخرت الكراهية والعنف والقسوة أركان البيت وأعمدته وأصبح آيلاً للسقوط على رؤوس من فيه إلا أننا في مجتمعاتنا العربية نفضل الموت على طلاق البنت ونفرح بعودة الزوجين حتى لو كان كل منهما يتمنى موت الآخر ، الله سبحانه وتعالى خصص للطلاق سورة كاملة ،وأورد كثيراً من الأحكام في سورتي البقرة والنساء، وقال جل من قائل : ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) أصبح التدين مظهراً أكثر منه جوهراً وأصبحنا نحكم على الناس من أشكالهم
والله تعالى جعل القلوب موضعاً للتقوى ،فاتقوا الله في بناتكم واتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً، كما وجَّه المصطفى عليه الصلاة والسلام.

nabilamahjoob@yahoo.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store