Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لا تغرّك عبارة «ليس على الكلام جمرك»

قَبل أيَّام كَتبتُ تَغريدة أَقول فِيهَا: (يَقولون: «الكَلام لَيس عَليه جُمرك»، وهَذا لَيس صَحيحًا، فقَد جَعَلَتْ شَركات الاتِّصَال عَلى الكَلامِ جُمركًا، ورسُومًا غَالية الثَّمن)..!

A A

قَبل أيَّام كَتبتُ تَغريدة أَقول فِيهَا: (يَقولون: «الكَلام لَيس عَليه جُمرك»، وهَذا لَيس صَحيحًا، فقَد جَعَلَتْ شَركات الاتِّصَال عَلى الكَلامِ جُمركًا، ورسُومًا غَالية الثَّمن)..!
ومَا أنْ كَتبتُ هَذه التَّغريدة، حَتَّى تَنازعها القَوم وتَخطّفوها «رتوتةً»، وإعَادةً ونِقَاشًا، بَل إنَّ مَسؤولًا في إحدَى شَركات الاتِّصَال؛ أَرسل لِي صُورة التَّغريدة كَاتِبًا تَحتها: «يَا ويلك مِنّا يا أحمد، لأنَّك تُحرِّض النَّاس عَلينَا»..!
إنَّ عبارة «الكَلَام لَيس عَليه جُمرك»، يَجب أَنْ تُفكْفَك وتُفتْفَت، وتُشرَّح وتُشرْشَح مِن نَاحيتين، النَّاحية الأُولَى دِينيّة، والنَّاحية الثَّانية دُنيويّة..!
فمِن النَّاحية الدِّينيّة، هُنَاك العَديد مِن نصُوص الكِتَاب والسُّنة؛ تُخبرنا أنَّ الكَلَام عَليه جُمرك بَاهظ الثَّمن، فالله –جَلَّ وعَزّ- يَقول: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)..!
أمَّا في الأثَر النَّبوي، فقَد جَاء الحَديثُ وَاضِحًا صَريحًا، بأنَّ الإنسَان «يُلقِي كَلِمَة لَا يُلقي لَهَا بَالًا، قَد تُلقي بِهِ في النَّار سَبعين خَريفًا»، وجَاء في الحَديث -أيضًا- قَول المُصطَفَى –صَلّى الله عَليه وسَلّم-: «مَنْ ضَمِنَ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ»، وأنَّ النَّاس لَا تُدخلهم النَّارَ إلَّا «حَصَائِد أَلسنتهم»..!
أمَّا مِن النَّاحية الدُّنيويّة، فإليكُم الدَّلَائِل التي نَبدأها بتَبرُّؤ الكَلِمَة مِن صَاحبها، حَيثُ تَقول العَرَب: «رُبَّ كَلِمَة قَالت لصَاحبها دَعني»..!
وحتَّى نَعرف أنَّ الكَلام صَعب، والنُّطق بِهِ في سَبيل الحَق أصعَب، جَاء في الحَديث أثَر يَقول: «قُلْ الحَقّ ولَو عَلى نَفسك»، كَمَا أنَّ مِن أعظَم الجِهَاد في سَبيل الله، «قَول كَلِمَة حَق في حَضرة سُلطَان جَائِر»..!
والمَرء في الدُّنيا مُحاسَب عَلى كَلَامه، فلَو قَذف أو اتّهم أَحدًا ظُلمًا وعُدوَانًا، فإنَّ جُمرك المَحكمة سيُلقي القَبض عَليه؛ بتُهمة رَجم النَّاس بالغَيب..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي التَّأكيد عَلى أن لَا نَقبل كُلّ مَثَل نَسْمَعه، لهَذا أُوصيكم ونَفسي بتقوَى الله -عَزّ وجَلّ- أوّلًا في السِّرِّ والعَلَن، ثُمَّ بمُراقبة مَنتوجات أَلسنتكم، ولَا تُصدّقوا مَن يَقول: «إنَّ الكَلَام لَيس عَليه جُمرك»..!!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store