ساعة شيطان

حياة الإنسان لا تقدر بأي ثمن وجميع الشرائع السماوية أكدت ذلك فقال تعالى في كتابه العزيز (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) وهذا التكريم والتفضيل وضع الروح الإنسانية بمكانة عالية بين المخلوقات وميزها بالعقل للقيام بواجباتها نحو عبادته سبحانه وتعالى واتخاذ السبيل من الرزق والمأكل والمشرب المناسب لكل إنسان والتعامل مع الآخرين بإنسانية وتعاون وتعقل لإكمال المسيرة بالدنيا والفوز والنجاة في الآخرة.
ولأن الإنسان دائمًا ما يقع في الخطأ وتزل قدماه عن جادة الصواب وذلك قد يكون أحيانًا عندما يفقد القدرة في التحكم بنفسه وبأعصابه فيجعل للشيطان بابًا عليه يقوده إلى الهاوية وإلى حافة الندم الذي يصعب معه كل أمر ولا يمكن العودة منه لذلك أطلق عليها اسم «ساعة شيطان» يكون فيها هو القائد إلى الهلاك لا قدر الله، لذلك ضبط النفس وتهذيبها أمر هام والسيطرة عليها من أعظم الفنون البشرية التي علمنا ديننا الحنيف كيفية التعامل معها فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ».
واليوم الغضب وفقد السيطرة أصبح مكلفًا جدًا حتى وصل إلى مبلغ 50 مليون ريال يدفعها ثمنًا لهذا التهور كدية للطرف الآخر الذي أفقده حياته عامدًا متعمدًا في قضايا متنوعة تثار على الصحف ومواقع التواصل لجمع أموال الديات للتعويض عن الأرواح التي ازهقت في «ساعة شيطان»، يكون كامل العبء على الأهل والعائلة والقبيلة والأصدقاء بل حتى تشاهد البعض في المساجد وأمام البيوت يستنجد بأهل الخير لجمع أموال الدية، ومع هذا الرواج أصبحت الديات من أبواب التجارة بالدم يكون فيها أشخاص متمرسون ذوو خبرات ومعرفة يسوقون لها حتى تتحول من مئات الآلوف إلى الملايين دون وجود سقف محدد متجاوزة الضوابط الشرعية والمرعية لكل طرف فيها، حتى يتم عتق الرقبة فيتحول الأمر من موت إلى خراب بيوت ودين ومزلة للنفس وللأهل، فيجب علينا أن نعي تمامًا هذا الأمر جيدًا والبعد عن «ساعة الشيطان» بكافة أشكالها وأنواعها وحماية أبنائنا وتوعيتهم قبل وقوع المصيبة أهون من بعدها، والإحسان لهم في تربيتهم وتهذيب خلقهم وهذا دور الجميع في مجتمعهم.
#الاستعداد_والفرصة_هو_النجاح