Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ورحل صاحب «الكوكب الدري»

ورحل صاحب «الكوكب الدري»

رحم الله الدكتور حاتم عمر طه، ابن المدينة النبوية البار، الذي وافته المنية في أقدس وأطهر ثرى وبجوار سيد المرسلين.

A A
رحم الله الدكتور حاتم عمر طه، ابن المدينة النبوية البار، الذي وافته المنية في أقدس وأطهر ثرى وبجوار سيد المرسلين. فما أجملها من خاتمة أن تصلي في مسجد نبيك المبارك وتسلم عليه في الروضة الشريفة ثم تنتقل لبقيع الغرقد لتسلم على والديك وعلى جموع المسلمين فتكسب أجر الزيارة والبر، ثم يأتي أمر الله الذي لا راد لقضائه فتقبض روحك في ساحات الحرم الشريف.
الدكتور حاتم طه لم يكن رجلًا عاديًا فقد بلغت سمعته ومكانته العلمية الآفاق، فهو خبير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في مجال المراصد الحضرية والبرنامج الإنمائي، ومنسق فريق خبراء مساندة مدن ودول المنطقة، وهو السعودي الوحيد الذي تبوأ هذه المكانة الفريدة والمتميزة، فهو متمكن من أدواته ولديه حب وولع وشغف كبير بعمله وإخلاص وتفان قلما تجده في أحد في حياتك. يتكلم قليلا ويعمل كثيرا.
كتبت مقالا عن كتابه (الكوكب الدري) يوما ما فرد عليَّ في صفحات هذه الجريدة بكلمات سأحتفظ بها وسام شرف أحمله تعلمت من بين صفحات هذا الكتاب ما لم أكن أعرفه عن حجرات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وانصح بقراءته والاستمتاع به والترحم على كاتبه، كتبه خصص جلها عن المدينة النبوية وآثارها. قال لي يوما إنه يحب الكتابة والكتب منذ طفولته، فله مع الكلمة والحرف عشق خاص، من كتبه (بقيع الغرقد)، و(طيبة وفنها الرفيع) والذي يتحدث عن العمران في المدينة وأحيائها وشوارعها موثقا بالصور التاريخية، والذي حصل على جائزة منظمة العواصم والمدن الإسلامية، وكتاب (من العرش لأنوار طه). وسألته عن الطباعة الفاخرة لهذا الكتاب وللكوكب الدري فقال لي - رحمه الله -: إن الكلمات التي تضمها جنبات هذه الكتب تتحدث عن مقام النبوة الرفيع فلابد أن تلقى تغليفا فريدا من نوعه يليق بهذا المقام. كما أن له مجموعة من الكتب العمرانية والتاريخية ترجمت بعدة لغات، وقام بترجمة أول دليل عربي لإنشاء المراصد الحضرية –المفاهيم وطرق الحساب لمساندة دول مجلس التعاون الخليجي في إنشاء المراصد الحضرية.
هذا الرجل الرائد في مجال المراصد الحضرية قام بتأسيس وتشغيل المراصد في أكثر من ثلاثين دولة ومدينة بالشرق الأوسط. وعلى المستوى الإنساني كان حكيما هادئا متواضعا، خلال فترة إقامته في ينبع ترك بصمة له في المكان وفي النفوس وسمعت ما تناقله الناس عنه وعن جميل صفاته وتقبله للنقد وبساطته في التواصل مع الآخرين.
كان يهتم بأدق التفاصيل ويحفظ للناس حقوقها، هذا الرجل يستحق منا الكثير وكم أتمنى أن تؤرخ سيرته وتدرس لطلابنا وطالباتنا كيف يكون العطاء وكيف يكون الحب للوطن عبر الإنجاز، الذي يخلد باسم الإنسان وإن غادر الدنيا تبقى آثاره وذكراه وما قدمه للأرض والإنسان.
أتمنى من أمانة المدينة ومن يعرفونه أكثر مني أن يسطروا بأناملهم كل ما يعرفونه عن هذا العالم ابن المدينة النبوية الدكتور حاتم عمر طه - رحمه الله - واسكنه فسيح جناته والهم أهله وذويه الصبر والسلوان ورفع مقامه في عليين وجمعنا به في جنات النعيم، لأنه يستحق أن يكون قدوة لأجيال ستأتي من بعده، وأتمنى أيضا تسمية شارع في المدينة باسمه حتى إذا شاهدناه قصصنا على أبنائنا من هو هذا الرجل. رحمك الله أبا عمر.
Majdolena90@gmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store