Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التنوُّع البارع لاشتقاقات مفردة الشارع

بَعض الكَلِمَات غَامِضَة، وتَحتَاج إلَى تَحرير وتَتبُّع، وتَوضيح وشَرح، ومِن هَذه الكَلِمَات كَلِمَة «الشَّارع»..

A A
بَعض الكَلِمَات غَامِضَة، وتَحتَاج إلَى تَحرير وتَتبُّع، وتَوضيح وشَرح، ومِن هَذه الكَلِمَات كَلِمَة «الشَّارع».. هَذه المُفرَدة التي تَلبس عِدّة فَسَاتين، وفي كُلِّ فُستَانٍ؛ تُظْهِر مَعنَىً مُختَلِفًا، وإليكُم الحِكَايَة:
حِين كُنَّا صِغَارًا؛ نَطلب العِلْم الشَّرعي في المَعَاهِد العِلميّة، كَانت الكُتب تُركِّز عَلى الشَّارع والمُشرِّع الحَكيم، ويَقصدون بِهِ «الوَاحِد القَهَّار»، الذي أَرسل الأنبيَاء رَحمةً للعَالَمين..!
وإذَا تَجاوزنَا هَذا المَعْنَى، انتقلنَا إلَى الشَّارِع، تِلك المِسَاحَة الجُغرافيّة؛ التي تَمتلئ في اللَّيلِ ظَلامًا، وفي ذَلك يَقول الشَّاعِر المُتألِّق «بدر بن عبدالمحسن»: (سيل الظَّلام يملا الشَّوارع ليل).. ومِن قَبله كَتَبَ الشَّاعر الحِجَازي المُتألِّق «صالح جلال»، قَصيدة: (متعدّي وعَابر سبيل)، التي صَدَحَ بِهَا الفَنَّان الكَبير «فوزي محسون»، حَيثُ يَقول في أَحد أبيَاتها:
يَا شَارع حَبيب الرّوح
عَمّالي أجي وأروح
مِستنّي مُنَايا يطلّ
متمنّي بسِرّي أَبوح
أكثَر مِن ذَلك، يُطلَق الشَّارع؛ عَلى شَريحة مِن شَرائح الآرَاء المُعبِّرة، وغَالِبًا تَكون شَريحة تَتبنّى آرَاء لَا تَتبنّاها النُّخبَة، لذَلك يُقال مَثلًا: (الشَّارع الرِّيَاضي حَزينٌ؛ عَلى خرُوج الأنديَة السّعوديّة مِن دَوري أبطَال آسيَا)..!
كُلّ هَذه المَعَاني للشَّارع مَقبولة، ولَكنْ؛ هُنَاك اشتقَاقَاتٌ أُخرَى -غَير حَميدة- لمُفردة الشَّارع، تَحمل دَلَالَات لَيست مَقبولة، فمَثلًا: إذَا رَأَى النَّاس شَابًّا أو شَابّة؛ يَنقصهما الأَدَب قَالوا: (إنَّهما تَربية شَوارع)، ولَيس ببَعيد عَن هَذا المَعنَى، أنَّ النَّاس إذَا سَمعوا كَلامًا بَلطجيًّا؛ أو غَير مُهذَّب قَالوا: (كَلام شَوَارع)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي التَّأكيد عَلَى أنَّ الشَّارع عادةً؛ مَا يُعبِّر عَن الصَّوَاب والخَطأ، فمَثلًا سَمعنا كَثيرًا -أثنَاء ثَورَات الرَّبيع العَربي- مَن يُحاول تَأجيج الشَّارع، واستقطَاب الحشُود المُكتظَّة فِيهِ؛ إلَى حُضنهِ، ليَستغلّها في تَحقيق مَصَالحه الخَاصَّة..!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store