Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

من أمن العقوبة..


قديمًا قال العرب: “من أمن العقوبة أساء الأدب”. وهو مبدأ وإن كان ينطبق على الأفراد، فإنه يصلح أيضًا لقياس سلوكيات الدول في عصر الهيئات الدولية التي من المفروض أن تكون مهمتها ردع المعتدي، وإيقاع العقاب بحق كل من يخرق القانون الدولي.
إفادة رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكينازي أمام لجنة التحقيق الإسرائيلية بخصوص حادثة الاعتداء على السفينة الإغاثية التركية مرمرة، هو أحسن تجسيد للمقولة التي ابتدأنا الحديث بها.

A A


قديمًا قال العرب: “من أمن العقوبة أساء الأدب”. وهو مبدأ وإن كان ينطبق على الأفراد، فإنه يصلح أيضًا لقياس سلوكيات الدول في عصر الهيئات الدولية التي من المفروض أن تكون مهمتها ردع المعتدي، وإيقاع العقاب بحق كل من يخرق القانون الدولي.
إفادة رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكينازي أمام لجنة التحقيق الإسرائيلية بخصوص حادثة الاعتداء على السفينة الإغاثية التركية مرمرة، هو أحسن تجسيد للمقولة التي ابتدأنا الحديث بها.
 أشكينازي يقول: إن قواته لم ترتكب أي خطأ ما عدا تأخرها في إطلاق النار على الناشطين الأتراك (العزل) الذين قاوموا الجنود الصهاينة، وهم يقتحمون السفينة! ولو كان أشكينازي يخشى ولو للحظة أن يوقع ما يسمى بالمجتمع الدولي أي عقاب أو حتى إدانة لفظية بحق دولته، لما تحدث بهذه اللهجة التي تفوح منها رائحة الغطرسة واللامبالاة معًا.
 لقد أمن الكيان الصهيوني منذ إنشائه على أرض فلسطين المحتلة العقوبة، فلم يصدر منه سوى إساءة الأدب. وعندما يعتاد المرء أو تعتاد الدولة على أن تعامل وكأنها تمتلك حصانة قانونية تخولها التصرف وفق أهوائها دون مراعاة لأي اعتبار آخر، فيجب أن نجهز أنفسنا لاستقبال كل ما هو سيئ وسلبي وشرير.
صحيح أن ثمة إرادة دولية تشبه الإجماع كانت تقف وراء إنشاء الدولة الصهيونية؛ مما ترتب عليه تأسيس أرضية من الأكاذيب والضلالات والأساطير التي انطلت على الكثير من الدول والشعوب في مرحلة التأسيس.. إلا أن المجتمع الدولي الذي نجح إلى حد ما في التغلب على العقبة القانونية الخاصة بوجود إسرائيل من خلال الأكاذيب التي بثها، لم يتمكن ولن يتمكن من التغلب على العقبة الأخلاقية التي تحول بين إسرائيل وبين حصولها على المبررات المقبولة أخلاقيًا للاستمرار في الوجود. 
الصهاينة يعرفون ألا خيار لديهم، فإما الاستمرار في سياساتهم التوسعية والاستيطانية التي تهدف إلى تحقيق حلم إسرائيل الكبرى من ناحية، والهيمنة على العالم العربي بأكمله من ناحية أخرى، وإما العمل على تبييض صورتهم أمام العالم. وطالما أن المجتمع الدولي قد حسم خياره، وقرر أن يمنح الصهاينة الأمان المطلق، فإن من الطبيعي أن يرجح الصهاينة الخيار الأول الذي يقتضي بالتأكيد ممارسة المزيد من إساءة الأدب.
إسرائيل لا تستطيع إلا أن تكون خارجة على القانون والأخلاق معًا.

anaszahid@hotmail.com


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store