Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بوتين.. ذو الرئاستين!

حينما تقرأون عنوان هذا المقال، آمل أن لا يتبادر إلى أذهانكم أن المقصود بالمقال هو (أبوالعباس السرخسي الفضل بن سهل)، سليل ملوك الفرس، الذي لُقب بذي الرئاستين، لا، بل المقصود هنا هو الرئيس الروسي (فلادي

A A
حينما تقرأون عنوان هذا المقال، آمل أن لا يتبادر إلى أذهانكم أن المقصود بالمقال هو (أبوالعباس السرخسي الفضل بن سهل)، سليل ملوك الفرس، الذي لُقب بذي الرئاستين، لا، بل المقصود هنا هو الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)، الذي توّجه رئيس النظام السوري ليصبح رئيساً لسوريا، وسلّمه مفاتيح البلاد، يقتل مَن يشاء ويهدم ما شاء، واختفى -تبعاً لذلك- اسم رئيس النظام السوري ووزير خارجيته «المعلم» من الإعلام وسط كل تلك الأحداث، وطغى اسم الرئيس «بوتين» ووزير خارجيته «سيرجي لافروف»، واقترنت صورهما بكل حدثٍ يخص «سوريا»، أي بمعنى آخر، عادت سوريا إلى ما كانت عليه عام 1922، العام الذي وافقت فيه عصبة الأمم على وضع سوريا تحت الانتداب الفرنسي، وبدلاً من أن يكون هناك مفوّض سامٍ له صلاحيات مطلقة في التشريع والتعيين في سوريا، كما حصل أثناء الانتداب الفرنسي، فإن الأمر أصبح مناطًا بالرئيس «بوتين» والوزير «لافروف» يُقرِّران ما شاءا لهما في بلد سلّم رئيسها زمام القيادة لهما، ووقَّع صك الاحتلال، والعجيب في الأمر أن الأمم المتحدة تتعامل فيما يخص القضية السورية على هذا الأساس، ولم يَعُد أمر هذا الاحتلال خافيًا على أحد، فالواقع، وكذلك الأفعال والتصرفات من قِبَل روسيا، تؤكد أنها الطرف الذي يجب أن يُبحث معه الحل، وليس مع رئيس النظام السوري، ولم يكذب سطرا ذلك الذي كتب بأن «بوتين اختبر القوى الغربية أكثر من مرة ووجد أنها لا تستطيع الدفاع عن مواقفها أو حماية مصالحها»، والشواهد كثيرة (جورجيا ومولدافيا وشبه جزيرة القرم، وحاليا سوريا). لقد سبق هذا الاحتلال تصريحات مزعجة من قبل «بوتين» ابتلعها (الأسد) على مضض، إذ قال: «ندرك بأن عائلة الأسد موجودة في السلطة منذ (40) عاماً، ولا ريب في أن التغيير لابد منه»، لكن التغيير الذي كان يرمي إليه الرئيس «بوتين» ليس من أجل أن تظل سوريا محكومة من قِبَل أحد أبنائها، بل لتعود ثانية إلى ما يُشبه الاحتلال، وهذه المرّة تحت الاحتلال الروسي، لاسيما وأن رئيس النظام السوري أتاح هذا الاحتلال في خطاب له قال فيه: «إن الوطن ليس لمَن يسكن فيه أو يحمل جنسيته وجواز سفره، بل لمن يدافع عنه ويحميه».
ما نراه اليوم في جنيف من اجتماعات بين المبعوث الدولي (ستيفان دي ميستورا) وبين كل من وفد الهيئة التفاوضية العليا للمعارضة ووفد الحكومة برئاسة بشار الجعفري ما هو إلا مضيعة للوقت، ولن يُسفر عن أية نتائج إيجابية، ذلك لأن وفد الحكومة لا يتطلع إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية مع وفد المعارضة، بل يُشارك من أجل تعطيل أي مبادرة إيجابية تصب في هذا الشأن، ولعلَّ تحفظهم على تركيبة وفد المعارضة هو أوّل العراقيل التي وضعوها في طريق الحل، إضافة إلى معارضة روسيا مشاركة (جيش الإسلام) في هذه الاجتماعات.
الأمر - للحقيقة - منوط بروسيا، فهي التي بيدها مفاتيح الحل في سوريا، أما وفد الحكومة المشارك، فليس سوى (كومبارس) يقوده بشار الجعفري، يُردِّد ما يُعلنه قصر الكرملين.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store