Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المفاهيم والمصطلحات في خدمة السُّلطات

ذَكَرَتُ في أكثَر مِن مَقَال، أنَّ المَفاهيم والمُصطلَحَات لَيست بَريئَة دَائِمًا، أو مِثَالية، كَمَا قَد يَعتقد بَعض الحَالِمِين، بَل تَتآمر وتَتوَاطأ مَع كُلِّ أطرَاف النِّزَاعَات، والصِّرَاعَات

A A

ذَكَرَتُ في أكثَر مِن مَقَال، أنَّ المَفاهيم والمُصطلَحَات لَيست بَريئَة دَائِمًا، أو مِثَالية، كَمَا قَد يَعتقد بَعض الحَالِمِين، بَل تَتآمر وتَتوَاطأ مَع كُلِّ أطرَاف النِّزَاعَات، والصِّرَاعَات والاختِلَافَات، غَير عَابِئَة بالمَبَادئ والقِيَم، أو بإحقَاق الحَق..!
في مَقال يَوم أَمس، ضَربتُ مِثَالًا عَلى مَا شَهدته الثَّورات العَربيّة، مِن تَوظيفٍ لتَقنيّات وأَلَاعيب المَفَاهيم والمُصطلَحَات، ومَا تُقدِّمه مِن خَدماتٍ جَليلة، للمُؤيِّدين والرَّافضين لتِلك الثَّورَات -في بِلَادها- عَلى حَدٍّ سَواء.. ولأنَّ مَقَال يَوم أَمس؛ اقتَصَرَ عَلى وجهة نَظر المُؤيِّدين لِمَا سُمِّي بالرَّبيع العَربي -مِن الثوَّار وغَيرهم- مِن خِلال خَبَر افترَاضي تَضمَّنه المَقَال، فقَد وَعدتُ القُرَّاء الكِرَام باستعرَاض وجهة نَظر المُعادين لهذا الرَّبيع -أي السُّلطات الرَّسمية هُنَاك-، وهَا أنَا أَفي بوَعدي؛ مِن خِلال الخَبَر الافترَاضي التَّالِي:
يَقول الخَبَر: (أَقْدَم عَشرَات الأفرَاد المُخرِّبين؛ عَلى إثَارة الشَّغَب في الشَّارع الفُلَاني، واعتَدُوا بالضَّرب عَلَى المُواطنين، وقَاموا بإتلَاف المُمتَلَكَات الخَاصَّة والعَامَّة، بغَرض إحدَاث فِتنة بَين فِئَات المُجتَمع، والمَسَاس بهيبةِ الدَّولة، وإربَاك الجِهَات الأَمنيّة المُختصَّة، لتَبدو عَاجِزة عَن تَوفير الأَمن للمُواطنين، وحِمَاية مُمتلكَاتهم مِن النَّهب والتَّخريب، وقَد بَاشَرَت الجِهَات الأَمنيّة مَسؤولياتها، مَسنُودَة بقوَّات مُكَافحة الشَّغَب، حَيثُ تَصدّت لهَذا المُخطَّط الإجرَامي، وجَرَى التَّنسيق وتَوزيع المَهَام، وتَمَّ بفَضل الله الانتشَار في كَافة المَواقع الحيويّة، حَيثُ مَارس جميع أفرَاد الأجهزَة الأَمنيّة؛ وقوَّات مُكَافحة الشَّغَب؛ أَقْصَى دَرجَات ضَبط النَّفس، ولَم يَستجيبوا للاستفزَازَات التي صَدَرَت مِن المُخرِّبين، الذين حَاولوا -بكُلِّ الوَسَائِل- دَفْع العَنَاصِر المُشاركة في المُهمّة، لمُجَابهة العُنف بالعُنف، بَل تَمَّت السَّيطرَة عَلى المَوقف بحِكْمَة، وتَجدُر الإشَارة إلَى أنَّ المُواطنين الشُّرفَاء؛ مِن سُكّان المَنطقة، قَد بَذلوا جُهدًا مَشكورًا في مُسَاعدة قوَّاتنا البَاسِلَة، للقيَام بوَاجبَاتها عَلى أكمَل وَجه؛ حِفظًا للأروَاح، وصَونًا للمُمتلكات العَامَّة والخَاصَّة)..!
حَسنًا، مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نُشير؛ إلَى أنَّ هُنَاك أَكثَر مِن ضَحيّة لتَضَارُب الرِّوايَات، فحِين تَتعدَّد الصِيَاغَات والقِرَاءَات، يُولد أكثَر مِن خَبر مِن رَحِم حَدَث وَاحِد، فالمُعتَدَى عَليه في الخَبَر الأوّل؛ يَكون هو المُعتَدِي في الخَبَر الثَّاني، والظَّالِم في الخَبَر الثَّالِث يَتحوَّل إلَى حَمَامَة سَلَام في الخَبَر الرَّابِع.. ولَو أَرفَق أَحَد الطَّرفين صُورًا لقَتْلَى وجَرْحَى، فسيَزعُم الطَّرف الآخَر أنَّها مُفبركة، بوَاسطة برنَامج الفُوتُوشوب، أَو أنَّ الصّور تَخصُّ بَعض الأفرَاد المُوالين لَه، مُتَّهمًا الخصُوم بتَزوير الوَقَائِع، واستخدَام صور ضَحَايَاه لتَحريف الحَقَائِق..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store