Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

صحوة المارد الكبير

في أوائل التسعينيات الميلادية -أعتقدُ ما بين 92-94 تقريبًا- التقيتُ بأحد مسؤولي شركات الطيران الخليجية الجديدة -آنذاك- في معرض دبي للطيران، وكان الحوار بيننا حول فرصتهم في السيطرة على حصة من سوق ال

A A

في أوائل التسعينيات الميلادية -أعتقدُ ما بين 92-94 تقريبًا- التقيتُ بأحد مسؤولي شركات الطيران الخليجية الجديدة -آنذاك- في معرض دبي للطيران، وكان الحوار بيننا حول فرصتهم في السيطرة على حصة من سوق السفر في المنطقة، وهناك عدّة شركات تملك خبرات بعشرات السنين عنهم، وأذكر ممّا قاله: «طالما أن المارد الأكبر في (غفوة)، ففرصتنا الأوفر»، فهمتُ أنّه يقصدُ طبعًا (الخطوط السعودية)، التي كانت في تلك الفترة تمرُّ بمرحلة من السبات في سوق يتطوّر سريعًا، وتتسابق فيه دول مجلس التعاون الخليجي على تأسيس شركات طيران كبرى، ويتسابق عملاقا صناعة الطائرات في العالم (بوينج، إيرباص) على أكبر قدر من الكعكة الخليجية، فكانت الصفقات القياسية لأعداد الطائرات الجديدة تمرُّ مرور الكرام أمام الخطوط السعودية التي لم تكن تعيرها اهتمامًا.
بعد نحو 10 أعوام يبدو أن الخطوط السعودية «أفاقت» من سباتها، وبدأت في دخول السباق الخليجي على سوق النقل الجوي العالمي، ولكنّه بصياغة محلية فطوّرت من بنيتها التحتية، واستثمرت في التقنيات الحديثة، وحاولت اللحاق بسباق الظفر بالطائرات الجديدة، فأبرمت صفقات استئجار (منتهٍ بالتملّك) لطائرات جديدة من إنتاج إيرباص الأوروبية، وعملت على التخلّص من بعض الطائرات القديمة (المهترئة)، وأتبعتها بطائرات أخرى من طرازات مختلفة أنتجتها بوينج الأمريكية، ولكنّها في واقع الأمر أصبحت في سباقين متوازيين. السباق الأول وهو مع نفسها، فهي تبحث عن وسائل تطوير متلاحقة لتقنيات البُنى التحتية والخدمات في مجالات النقل الجويّ، وخدمة المسافرين والتي تتسارع بشكل يحتاج إلى شركة ديناميكية كانت تفتقدها الخطوط السعودية؛ بوصفها (مؤسسة حكومية) مليئة بالبيروقراطية المتأصلة في هذا القطاع، والثاني هو سباقها مع الشركات المنافسة في المنطقة والتي وصل بها الحد أن تدخل إلى السوق الرئيس للخطوط السعودية (النقل الجوي الداخلي)، وتنافسها في عقر دارها بعد أن سيطرت على الحصة الدولية لحركة الطيران الخليجية مع دول العالم.
الآن وقد شرعت الخطوط السعودية في تلمس مسارها الجديد بإعادة هيكلتها التنظيمية، وتحويل المؤسسة إلى شركات متخصصة، وذات ديناميكية إدارية، وإنتاجية، وتطوير كل أجهزتها، وخدماتها، وبنيتها التحتية، وكذلك استقطاب أحدث الطائرات، سواء الطلبيات التي أبرمتها مع إيرباص، والتي تشمل 50 طائرة سوف تتسلم منها 16 طائرة هذا العام، أو المبرمة مع بوينج الأمريكية، والتي تشمل نحو 23 طائرة تتسلم في العام الجاري نحو 17 منها.
فإنه يبدو أنني سأبحث عن ذلك المسؤول في شركة الطيران الخليجية لكي أتعرّف على رأيه حوال (المارد الكبير)، وهل هذه «الصحوة» كافية لكي يكون هذا المارد يؤكّد حجمه الكبير في سوق يتصارع فيه مع ثلاثة كبار آخرين، همّهم استثمار حركة السفر الدولية من وإلى منطقة الخليج، بينما الخطوط السعودية تصارعهم في هذه السوق الدولية، وكذلك حركة النقل الجوي الداخلية التي دخل فيها منافسون أقوياء لمماحكة «السعودية» في سوقها.
الخطوط السعودية برغم كل التطوّرات التي تشهدها إلاّ أنّها لا تزال بحاجة إلى التخلّص من الإرث البيروقراطي، والوصول إلى الاستقلالية الإدارية، والتعامل بصيغة تجارية لكي تكون قادرة على اتخاذ المسار التصاعدي في منافستها الدولية مع اللاعبين الجدد، والعودة إلى موقعها السابق، وفي نفس الوقت هي بحاجة إلى التخلّص من النشاط الداخلي وفصل هذا النشاط بشكل كامل في شركة مستقلة محلية تؤدّي دورها الوطني، واستثمار السوق المتنامي ومواجهة التنافس المحموم مع التوقّعات بدخول ثلاث شركات جديدة خلال هذا العام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store