Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تجاربنا والبناء الحضاري

دون شك؛ أن كل تجربة تمر بالفرد، أو الجماعة، أو المؤسسة؛ تُنتج دروسًا مستفادة تتفاوت في سمتها بين المُفرح والمُحزن، وبين المادي والمعنوي، ولكنها جميعًا تبقى تجارب مفيدة، لأن نتائجها لابد وأن تكون قد كش

A A
دون شك؛ أن كل تجربة تمر بالفرد، أو الجماعة، أو المؤسسة؛ تُنتج دروسًا مستفادة تتفاوت في سمتها بين المُفرح والمُحزن، وبين المادي والمعنوي، ولكنها جميعًا تبقى تجارب مفيدة، لأن نتائجها لابد وأن تكون قد كشفت لنا أمورًا كُنَّا نجهلها، فالبعض منها قد فتح لنا أبوابًا كانت مُغلقة أمامنا، والبعض الآخر قد أغلق أبوابًا كانت مفتوحة أمامنا أيضًا.
وهذا كله ليس بالمستغرب، لأن كل ما يكتسبه الإنسان من التجارب والخبرات؛ إنّما هو جزء من مكوّنات البناء الحضاري الإنساني الشامل، ولأن ذلك أمر طبيعي في حياتنا، بل هو سنّة الحياة نفسها.
لكن الأمر المستغرب هو أن تمر كل تلك التجارب بما تحمله من نتائج ذات مدلولات لا يمكن تجاهلها، دون الإفادة منها، وأخذها في الاعتبار، وهذا يدفعني إلى طرح العديد من التساؤلات، منها:
- هل استفدنا فعلاً من نتائج تلك التجارب والخبرات التي اكتسبناها سابقًا، فحرصنا على تكرار الناجح منها، كما حرصنا على الابتعاد عن الفاشل منها؟!
- هل استفدنا فعلاً من نتائج وخبرات الأمم والأفراد الذين سبقونا، فاتبعنا ما نجحوا فيه، وابتعدنا عمّا فشلوا فيه؟!
- هل قمنا فعلاً بنقل نتائج تجاربنا وخبراتنا إلى الآخرين بكل صدقٍ وأمانة، أم أحدثنا فيها الكثير من التحوير والتدوير، ممّا أفقدها مدلولها وقيمتها؟!
فإذا كانت الإجابة عن التساؤلات السابقة بـ(نعم)، فمعنى ذلك أنّنا نسلك الطريق الصحيح الذي يتّفق مع سمات البناء الحضاري السليم، والذي يتّفق أيضًا مع أُسس النجاح التي حثَّ عليها ديننا الإسلامي الحنيف، كما ورد في قول الرسول الكريم صلَّى الله عليه وسلم: (إنما الأمور ثلاثة: أمرٌ تبيَّن لك رشده، فاتبعه.. وأمرٌ تبيَّن لك غيّه، فاجتنبه.. وأمرٌ اختُلف فيه، فردّه إلى عالم)، وقوله صلَّى الله عليه وسلم: (لا حليم إلاّ ذو عثرة، ولا حكيم إلاّ ذو تجربة)، وقوله صلَّى الله عليه وسلم: (لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين).
وأمّا إذا كانت الإجابة عن التساؤلات السابقة بـ(لا)، فحتمًا أن النتيجة ستكون مكانك سرّ، بل إلى الوراء سرّ، لأن ذلك سيجعلنا دومًا ندور في حلقاتٍ مفرغة، تتوه فيها أهدافنا، وتذوب فيها آمالنا، ونُصبح كما أمسينا، ونُمسي كما أصبحنا، وهذا بالطبع ما يتنافَى مع سمات النمو الحضاري الإنساني، كما يتنافى أيضًا مع أُسس النجاح التي تضمّنتها الكونية.. والله من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store