Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رعد.. وردع

تتناقل دوائر السياسة العالمية التحوّل الجذري في السياسة السعودية تجاه قضايا المنطقة، حيثُ تنظر له بذهول في التعاطي، وبحبور في الإنجاز، فالذهنية العربية تعوَّدت على البيانات المُصاغة في قالبها الجامد؛

A A
تتناقل دوائر السياسة العالمية التحوّل الجذري في السياسة السعودية تجاه قضايا المنطقة، حيثُ تنظر له بذهول في التعاطي، وبحبور في الإنجاز، فالذهنية العربية تعوَّدت على البيانات المُصاغة في قالبها الجامد؛ الذي لا يتجاوز الشجب والاستنكار، ولكن آن لهذا القالب أن يذوب، ليُحرِّك الوضع الراكد الذي فُسِّر على أنه ضعف في العتاد، وتراخٍ في الإرادة، الأمر الذي أوصل العربدة الإيرانية حدًا لا يمكن التعامل معه إلا وفقًا لمبدأ «أكون أو لا أكون».
لقد أدّى التدخل الإيراني في خصوصيات الدّول، بحجة دعم الوجود الشيعي المهضوم الحقوق فيها، وأتبعه الاعتداء الروسي في سوريا، تحت مظلة الحرب على داعش، إلى أهمية أخذ موقف حازم لا يقبل التأخير، ولا يترك مجالًا للقوى العظمى بأن تتوزَّع الكعكة المستهدفة مهما كلّف الأمر، فالتخطيط لتحقيق هذا الهدف تعرَّى في عرين السياسة السعودية، وتكشَّفت استراتيجياته الخبيثة جراء القراءة الواعية والناضجة للبرامج التي يُسْعَى لتنفيذها على أرض الواقع، فما كان أمام الأسد السعودي سوى الهجوم المباغت ولخبطة الأوراق، وردع العابث بأمن العرب الذين استعادوا كرامتهم بعاصفة في الجنوب، ورعد سيُمطر عزّة وكرامة في الشمال، وخلقت معه أُفقًا جديدًا للدراسات الإستراتيجية، لإعادة رؤيتها حول الشرق الأوسط الجديد، الذي تبجَّح بصناعته الأمريكان منذ أمد ليس بالقصير، ووظّفت لتحقيقه طاقات أجهزتها الاستخباراتية، ولكن تبعثرت الأوراق بسبب ضربة خاطفة أنصفت الحق على الباطل، مما أدى إلى عرقلة اللعبة القذرة التي يتبنَّاها الدب الروسي، وآمن بها الرعاع من أتباعه، بينما الحقيقة هي رغبته في دور يَخْدِم من خلاله مصالحه، بعيدًا كل البعد عن الحرب المزعومة على المنظمة الإرهابية «داعش».
بقي علينا -نحن السعوديين- أن نُعزِّز هذا التوجه الذي سيُؤدِّي إلى حضورنا الفاعل في السياسة الدولية، ويجعلنا رقمًا مُعتبرًا في دهاليزها، ولن يتأتى ذلك إلا بالتجاوز عن الإسقاطات السلبية التي يتبنَّاها البعض كحقّ شخصيّ، دون الأخذ في الاعتبار أخذ المصالح العليا للوطن بعين الاعتبار؛ فترتيب الأولويات لا أعتقد أن عاقلًا في ظل هذه الظروف يُساوم عليه، أو يُفكِّر مجرد التفكير في تجاهله.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store