فنون العبث بالبيئة

ينقل الكاتب المعروف فهمي هويدي عن ما أورده السفير ابراهيم يسري في كتابه أثناء عمله في الخارجية المصرية عن رغبة الأمريكيين في استئجار راس بيناس على البحر الأحمر لممارسة نشاطهم العسكري إلا أن الطلب قوبل بالرفض من كافة المختصين إلا أنهم فوجئوا بعد شهور بأن الأمريكان تحقق لهم ذلك بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية. وينقل أيضاً قصة السفينة الحربية الأمريكية التي تحمل رؤوساً نووية والتي كانت في طريقها إلى المحيط الهندي ورغبت في عبور قناة السويس وقوبل أيضاً هذا الطلب بالرفض لخطورته على البيئة المصرية وعلى قناة السويس لما يسببه من تلوث نووي، وانتهى الأمر بمرور تلك السفينة بالتنسيق مع الرئاسة المصرية آنذاك.
هناك مخاوف مرعبة تؤثر على حياة الشعوب في هذه المنطقة تتمثل في الخوف من حدوث تسريبات نووية من مفاعل بوشهر الإيراني وأن هذا الأمر يمثل رعباً لسكان المنطقة لاسيما وأن محطات التحلية الخليجية تعتمد على مياه بحر الخليج الذي يقع على مشارفه مفاعل نووي خطير وغير مأمون ويفتقد مواصفات الأمن والسلامة كما يعترف بذلك العلماء الروس أنفسهم، وهم الذين زودوا إيران بمعداته وتقنياته القديمة، وحياة الخليجيين كشعوب بقرب مفاعل نووي تؤدي حقاً إلى تدمير الحياة البحرية فضلاً عن الأزمة المرتقبة للماء في حال أي تسرب نووي حتى لو بفعل هزة أرضية. إن ما يؤلمنا كمجتمعات تعتمد إعتماداً كبيراً على تحلية مياه البحر أن ليس أمامنا خيارات أخرى فلا أنهار ولا أمطار ولا مخزون جوفي كافٍ والأدهى من ذلك الهدر الذي يحدث في استخدام المياه بلا مبالاة أو ثقافة أو وعي عند المستهلكين ، ولابد من التعامل مع الماء كثروة مهددة بالانقراض وقابلة للفقد وألّا يترك الأمر هكذا.
ساحل مدينة جدة يتعرض منذ سنوات لعبث بيئي خطير حتى أصبحت السباحة على الساحل تؤثر على الصحة العامة فضلاً عن الأذى الذي يلحق بالمياه البحرية وكميات النفايات وحصيلتها اليومية التي تتضاعف في الحج والعمرة شىء مخيف للغاية وتسهم بشكل واضح في التلوث البيئي والذي ينعكس سلباً على مؤشرات الصحة العامة بسبب انتشار الأمراض. إن الحفاظ على الأجيال القادمة وسلامتهم أمانة في أعناقنا ويلزم سَنُّ القوانين والتشريعات التي تحمى البيئة من العبث، كما نعلق الكثير من الآمال في هذا الجانب على الدور الذي يلزم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية للقيام به والذي يندرج ضمن مهامها فضلاً عن مسئوليتها الاجتماعية.