فيصل والعلاقات الدولية

ضمن حديثه الدائم عن الملك فيصل يرحمه الله يروي معالي السيد أحمد عبد الوهاب بأن الفيصل قد طاف العديد من دول العالم بما فيها الدول الإفريقية وأنه كان يحظى باهتمام بالغ من زعماء هذه الدول وأن بعضهم كان يخرج عن قواعد البروتوكول لديهم ويستقبل الفيصل في المطار لمكانته في نفوسهم، وقد كان يحمل الهم العربي والإسلامي معه في رحلاته الخارجية ، ويروي معالي السيد كيف استطاع الفيصل أن يحول تعاطف ديجول مع القضية الصهيونية بسبب أنه كان محاطاً بعدد من زعماء اليهود حوله ، فعندما استمع الفيصل إلى الرئيس ديجول بأن إسرائيل أصبحت أمراً واقعاً، ويقول أتريدون إلقاءها في البحر وأن الرأي العالمي يرفض ذلك، أجاب الفيصل : وهل أنت ممن يؤمنون بالأمر الواقع .. ؟ فإذا كنت كذلك فلماذا لم تعترف بالأمر الواقع عندما احتل هتلر فرنسا ، وأن فرنسا كلها رفضت الأمر الواقع عندما احتلت ألمانيا (الألزاس) و(اللورين) وظلت تتحين الفرص لإزالة الأمر الواقع ، فدهش ديجول لبداهة الفيصل وقوة الحق في عرضه غير أنه لم يستسلم وقال : إنهم يقولون إن فلسطين هي وطنهم التاريخي وفيها ولد جدهم الأعلى إسرائيل ، فأجاب الفيصل : السيد الرئيس إنك فيما نعلم رجل مسيحي مؤمن يقرأ العهد القديم (التوراة) كما يقرأ العهد الجديد(الإنجيل) ألم تجد في العهود القديمة أن فلسطين كانت أرض شعب الكنعانيين العرب وأن اليهود دخلوها غزاة وحرقوا المدن ، إنهم غزاة مثل الرومان الذين غزوا قديماً فرنسا وإنجلترا فكيف تريد تصحيح خريطة العالم الحديث على أساس الغزو الإسرائيلي القديم ، وفي سياق استرسال الفيصل واستشهاده بمواقف أخرى وضحت الحقيقة عندئذ للجنرال ديجول ، وطلب رئيس وزرائه بومبيدو وأمره بإيقاف مابقى من شحنات الأسلحة إلى إسرائيل فوراً وأعلن ديجول أن الفضل في إظهار الحقيقة كان للفيصل، وأصبح ديجول صديقاً للعرب بعد أن كان خصمهم.
إن مواهب الفيصل الدبلوماسية قد آتت ثمارها حتى في زيارته لأفريقيا والتي أثمرت عن قطع علاقات الدول الإفريقية بإسرائيل في الوقت الذي لم يوفق الرئيس عبد الناصر في وضع قضية فلسطين على جدول إجتماعات القمة للوحدة الأفريقية . لقد رفع الفيصل اسم المملكة عالياً في المحافل الدولية، وسيسر في قبره لوعرف أن بلاده عضو في قمة العشرين وأنها تحالفت مع العديد من الدول الإسلامية لمحاربة الإرهاب وبصدد التحالف مع دول عالمية أخرى لمكافحة الإرهاب بكل صوره ونبذ العنف والتطرف وأن بلاده قد حققت العديد من الإنجازات التنموية على الصعيد الداخلي . رحم الله الفيصل وجعل ما قدَّمه لبلاده في موازين حسناته.