Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سيادة الدولة وسيادة القانون

تسببت موجة العولمة والخصخصة والتجارة العالمية والشركات عابرة القارات في تغيير الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة بعد الحرب العالمية الثانية وعلى رأسها مفهوم السيادة (State sovereignty ) المعمول به من

A A
تسببت موجة العولمة والخصخصة والتجارة العالمية والشركات عابرة القارات في تغيير الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة بعد الحرب العالمية الثانية وعلى رأسها مفهوم السيادة (State sovereignty ) المعمول به من بداية القرن السادس عشر الميلادي. غزو الفضاء وانتشار البث الاعلامي عن طريق الأقمار الصناعية يهدد بمحو الحدود المتعارف عليها بين الدول وأصبح مفهوم عالم القرية الكونية هوالسائد. والموجة الثالثة لثورة المعلومات أسست للعالم الافتراضي حتى أصبحت وسائل الاتصال الحديث مسيطرة على كل الوسائل السابقة ،وهذه سمة العصر بحق وحقيقة. ولا يخفى على العارفين أن مفاتيح تلك الوسائل بيد رواد صناع التقنية في الغرب ..والعالم العربي مستخدم بالإمكان حرمانه منها متى ما شاء سادة الإبداع والتفوق في الدول المنتجة لتلك التقنيات.
موجة الإرهاب التي برزت من بداية الألفية الثالثة كتحدٍّ صارخ للوضع القائم استخدمت كل الوسائل في تنقلاتها وتحويل الأموال وتنسيق عملياتها حتى أصبحت تشكل أزمة أمنية عالمية تداعت معظم دول العالم للتصدي لها. حق السيادة كان حكراً على الدولة الوطنية ولها أن تستخدم كل الوسائل للحفاظ عليه وحمايته من التدخلات الخارجية والتحديات الداخلية.. العوامل المشار اليها أعلاه دخل عليها مفهوم حقوق الإنسان وحق تقرير المصير وانبرت المنظمات غير الرسمية باستخدام تلك المفاهيم للضغط على الكيانات الرسمية بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان وخاصة الأقليات المضطهدة. في بعض الحالات هناك مبررات حقيقية وفي البعض الآخر استخدمت تلك المصطلحات لخدمة مصالح دول كبرى ذات نفوذ عالمي لمد هيمنتها وحماية مصالحها. القضية الفلسطينية مثل صارخ في وجه عدم العدالة الدولية كما أن النزاعات العنصرية ضد السود والأقليات لازالت موجودة لم تستطع المنظمات الحقوقية القضاء عليها. أغلاط التاريخ كثيرة منها فلسطين وكشمير والتركيبة اللبنانية المعقدة وتوزيع الأكراد بين ثلاث دول وعرب الاهواز تحت الهيمنة الإيرانية وآثار كل هذه الامثلة لم تبرأ جراحها ولهذا يوجد قضايا مزمنة لم تستطع الحضارة المعاصرة التغلب عليها برغم الثراء والتقدم في تطوير الأنظمة والإنجازات التقنية المذهلة ولكن الحرمان والاضطهاد يعيد القضايا الى حيث كانت قبل عشرات السنين وبدون حلول عادلة، بل انها تزداد سوءاً وتعقيداً.
بعد الحرب العالمية الثانية انبثقت حركات التحرر من الاستعمار وجيء بالدولة الوطنية/ القُطرية ومع تلك الولادة أتت الدكتاتورية الفردية التي استعارت الاضطهاد من الاستعمار وكيَّفته لتثبيت الثراء الشخصي... انحصرت التنمية في حدود مفاهيم ضيقة بعيداً عن العمل المؤسسي طويل المدى. ليبيا بعد أربعة عقود تغرق في فوضى حرب أهلية وكذلك سوريا واليمن والعراق ولبنان المختطف من عملاء ايران مهددٌ بانفلات أمني يعيد له مسرحية الحرب الاهلية في السبعينيات. أمثلة حية يندى لها الجبين. حدة الخلاف الطائفي تعمقت جذورها في المنطقة العربية وصعد التطرف ليضع الأمة العربية امام منعطف تاريخي خطير يهدد بكوارث أعمق من الذي حصل حتى اللحظة. ولازال الأمل الوحيد في وحدة دول مجلس التعاون الخليجي وصمودها أمام المخاطر الخارجية يداً واحدة هي الضامن الرئيس للتغلب على التحديات واستمرار التنمية المستدامة. وهذا ما ينبغي أن نفهمه ونحافظ عليه من سيادة القانون وسيادة الدولة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store