Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

فضائيات البذاءة والتوافه والمصالح

صديق عزيز حادثته هاتفيًّا، بعد غياب ليس بطويل. هو ناشط إعلامي بامتياز. سألته ما الجديد؟

A A

صديق عزيز حادثته هاتفيًّا، بعد غياب ليس بطويل. هو ناشط إعلامي بامتياز. سألته ما الجديد؟ قال: اتّصل به صحافي يسأله عن رأيه في حجم البذاءة التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية العريقة منها، وغير العريقة. أجاب صديقي، وهو الذي عاش في الولايات المتحدة ردحًا من الزمن: يصعب وصف أيّ وسيلة إعلامية محترمة، أو شبه محترمة في الغرب بالبذيئة. هي صحيح منحازة إلى (أجندتها) غير المنصفة غالبًا لمبادئ العدل والحق والحرية والكرامة، خاصة إذا كان لنا منها نحن معشر العرب والمسلمين نصيب.
وإعلام الغرب وإن تضمّنت برامجه الترفيهية والكلامية بذاءات كثيرة؛ فلأن ثقافتهم لا تُمانعها، وهم قبل ذلك قد سادوا وانتصروا، وأصبحت لهم الكلمة العُليا في كثير من قضايا هذا الكوكب الفسيح، ولذلك هم يضعون المعايير للآخرين ليقلدوهم ولينهلوا من بذاءاتهم، وليصيبوا من سفههم. لكن مشكلتنا نحن الذين نزعم حمل لواء الحق، ثم تجتاح بعض وسائل إعلامنا المرئي بذاءات وتفاهات لا أول لها، ولا أحسب أن لها آخر.
أمّا البذاءات فحدّث ولا حرج! ولعلّ في البرامج الكلامية التي تفيض بها كثير من الفضائيات العربية مثالاً واضحًا على العبث المقزز الطافح بالكذب والدجل والزور والبهتان، والبذاءة طبعًا من شاكلة (ها ضربه بالجزمة)، إلى (وابن 66 ألف ...). هذه اللغة باتت سائدة في كثير من الفضائيات المنفلتة من عقال الأدب والثقافة، بل لا تحكمها حتى ذائقة الجمهور فضلاً عن تقاليد المجتمع وموروثاته القديمة والحديثة.
وأمّا التفاهات الخالية من مضمون مفيد فما أكثرها، ولا دور لها سوى ملء ساعات البث بالغث، وقليل هو السمين. وثمة تفاهات مرادفة للخزعبلات والخرافات، بدءًا بتفاسير الأحلام، وانتهاءً بخزعبلات وخرافات يسقطونها على شخصيات أفضت إلى ربها منذ قرونٍ مضت، وأخرى يزعمون أنها رهن الانطلاق استعدادًا لحكم البشرية تحت ركام من الخرافة، والزور، والبهتان.
بقي صنف واحد من الفضائيات المؤدلجة التي تخدم أجندات مشبوهة مقابل مصالح معلومة، وغير معلومة. بئس المطية هؤلاء، وبئس المصلحة ما يظنون، وبئس العاقبة لو يعلمون.
شكرًا للصديق النابه الذي نبهني إلى عالم من الفضائيات تائه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store