Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جدال نظرية المؤامرة

نظرية المؤامرة موضع اختلاف حولها في المقالات والتغريدات والمحاضرات والمجالس، بين مؤيد لها دون أي تحفظ، ونافٍ دون أي شك، والخلاف حولها كالخلاف حول أي قضية في مجتمعنا، فكل يجلب بخيله ورجله لتأييد ما يرا

A A
نظرية المؤامرة موضع اختلاف حولها في المقالات والتغريدات والمحاضرات والمجالس، بين مؤيد لها دون أي تحفظ، ونافٍ دون أي شك، والخلاف حولها كالخلاف حول أي قضية في مجتمعنا، فكل يجلب بخيله ورجله لتأييد ما يراه حتى يترصد سقطات الطرف المضاد، وقد يتهمه في دينه أو وطنيته أو أخلاقه مع أنه يكرر «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» لكنها لا تتجاوز طرف اللسان، ويحطمها إذا امتشق البنان أو اعتلى المنبر.
كل واحد يكثر من حرية الرأي، وحرية التعبير، والرأي والرأي الآخر، لكن عند التطبيق كالاتجاه المعاكس قد يصل الرد إلى اللكم واللطم وقلب الطاولة، والتشابك بالأيدي، وانزلاق اللسان بألفاظ التخوين والعمالة، قد يكون ذلك لضيق مساحة ادعاء حرية التعبير والرأي، وقد يكون لضعف الحجة، وقد يكون للهوى وآفة الموضوعية الهوى.
لا الذي يقول بالمؤامرة يبرهن، ولا النافي يبرهن، فكل واحد عماده التعصب لما يراه، أما من خطط المؤامرة فهو أخرس لا ينطق إلا إذا نفَّذ المؤامرة بعد سنين، وقد يكون الطرفان من أدوات تنفيذ المؤامرة وقد يكون ذلك دون علم منهما.
قلت لمتحاورين حول المؤامرة (مؤيد لها ونافٍ): هب أنه لا توجد مؤامرة من هذه الأحداث التي طنطنت على وتر القومية العربية حتى مزقت العالم العربي إلى دول، وهي الآن تعزف على وتر الطائفية؟ ما تقولان في ذلك، فهذا واقع بغض النظر عن مخطط المؤامرة من داخل الوطن العربي، أو من خارجه، سواء دفعه طائفياه أو هو سُخِّر من طرف آخر، أليس ذلك مؤامرة على أرض الواقع ستقسم المجزَّأ إلى أجزاء؟ لم يملكا جواباً، لكني أجبت بأن هناك غيابًا للعقل العربي، وللمفكر العربي عن واقع الحال، وشغل نفسه بأن ذلك مؤامرة أو أنه لا توجد مؤامرة، ولو تنادى العقلاء لعلاج المرض لأعرضوا عن الجدل العقيم حول المؤامرة، قد توجد أو لا توجد، لكن النتيجة أن نتائجها موجودة، سواء أصنعها عدو خارجي أم هي نار صديق أم حماقة طائفي، فالجدل موجود والنتائج موجودة.
الجدل العقيم حول المؤامرة لا فائدة منه ولو عُمل على معالجة التصدع والتمزق الناتج عن الطائفية لتجنب العالم العربي واقعه المؤلم، ولو تنادى العقلاء والمفكرون إلى ناديهم لتركوا العرض وعالجوا المرض، تركوا الجدل واجتمعوا للعمل.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store