التعليم.. توقف غير اضطراري!

في العادة يأتي التوقف الاضطراري للمركبة نتيجةَ خللٍ فنيٍّ في محركها أو أحد أجزائها، أو لوجود عائق في الطريق يستوجب التوقف على غير رغبة من قائد المركبة، أما عندما نتحول للعملية التعليمية فسنجد أننا نحن من يصنع التوقف (غير الاضطراري) للعملية التعليمية. دعوني أضع بين أيديكم رأيًا طرحته قبل فترة في أحد مقالاتي حول قضية إجازة منتصف الفصل، حيث ذكرتُ فيه أن «هذه الإجازة التي زُرعت في خاصرة الفصل الدراسي الثاني لا تتوقف في عرف الطلاب اليوم على (أسبوع واحد)؛ فهم يأخذون من الأسبوع الذي قبلها ثلاثة أيام، ولا أبالغ إن قلت إنهم يأخذون أسبوعًا دراسيًّا كاملاً، ثم يأخذون بعدها يومين أو ثلاثة، وقد تزيد. أريد من وزارة (التعليم) والتربويين الكرام أن يتذكروا أنهم كانوا خلال السنوات الماضية التي لم نعرف فيها إجازة منتصف الفصل (يؤكِّدون) على أن إجازتَي عيدَي (الفطر والأضحى) من مسببات الإرباك للعملية التربوية والتعليمية، وأن لها أثرًا تربويًّا غير جيد عليها. واليوم تصنع وزارة (التعليم) قضية الإرباك بيدها هي لا بيد غيرها ! ولو دققنا في السلبيات المترتبة على هذه الإجازة فسنجدها كثيرة، ولا أدل على ذلك من قضية تسرُّب الطلاب قبلها وبعدها، وإرباك سير المقررات التعليمية، وتفلُّت المعلومات التي استوعبها الطلاب خلال الفترة الماضية، وفقدهم الترابط المنطقي بين محتويات المقررات. بالإضافة لما سبق فإن المجتمع كله يصبح في حالةٍ من عدم الاستقرار؛ فما إن حط رحاله بعد الإجازة النصفية إلا واستُنفِر مرة أخرى ليجوب الأرض في سفرٍ لا يتوقف، يتطلب الوقت والجهد والمال والأرواح. لذا أرى أنَّ من الصواب أن تُضَم إجازة منتصف الفصل إلى الإجازة النصفية التي تقع بين الفصلين الأول والثاني؛ لتصبح أسبوعين بدلاً من أسبوع واحد؛ حتى يأخذ الطلاب الوقت الكافي للاسترخاء والمتعة، وتأخذ الأسر الوقت الكافي للسفر والسياحة، والقيام بما يمكن القيام به تجاه الآخرين، وتتمكن من شراء احتياجاتها الضرورية». وبناء على ما سبق من الإشكاليات والنتائج (التربوية والتعليمية والمادية..إلخ) غير الجيدة لإجازة منتصف الفصل فإن الأسرة التعليمية بكل مكوناتها ترجو (بشدة) من المعنيين بالأمر وقفةَ مراجعةٍ (جادة) تضع في الحسبان كَمَّ الإشكاليات وما يترتب عليها من نتائج غير محمودة، وكَمَّ الإيجابيات المترتبة على سد هذا الباب المفتوح على مصراعيه لكل الاستفهامات وعلامات التعجب. وإن كانت القضية تتعلق كما يُذكَر (بتشجيع السياحة) فإن ضمَّ إجازة منتصف الفصل مع الإجازة النصفية هو بعينه التشجيع الأمثل للسياحة، وهو بعينه الحرص والشفقة على مستقبل الطلاب، وهو بعينه أفضل طريقة للحفاظ على الأرواح. أما ما عدا ذلك من مبررات (الرفض) فلا تعدو عن كونها مُضيًّا في المغالطة وغمطًا للحقيقة وتجاهلًا للرأي الآخر.