Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

النقاش عبر الإنترنت: ضرورة أم مشكلة؟

لم أجد مفردةً ابتُذِلت في الأيام الماضية والحالية، كمفردة «نقاش»، حتى أنّها تستحضر غالبًا في حالة السلبية، والمشادات، والمهاترات.

A A
لم أجد مفردةً ابتُذِلت في الأيام الماضية والحالية، كمفردة «نقاش»، حتى أنّها تستحضر غالبًا في حالة السلبية، والمشادات، والمهاترات.
هذه المفردة الجميلة، المفضية إلى نتائج أسمى وأجمل، وإلى فهم وتوسيع مدارك، صرنا نكرهها؛ لأنّها شوَّهت تمامًا.
ويبدو أن الناس لا يدركون معنى الخطاب، وأهمية، وأسلوب الخطاب، لتبدو لغة الإشارة، أو الصمت أبلغ تعبير عن حالة الضياع.
كثير من المشاحنات والاختلافات، وقطع العلاقات بين (الأفراد) هي نتيجة سوء فهم في محادثة عبر الواتس، أو نقاش صعب وغير مكتمل الأركان في الفيس بوك، توتير، أو غيرها من المواقع.
كل فرد هو «دولة» بحد ذاته -فقط- في ملكه الشخصي، من مواقع شخصية، أو أفكار يتبناها اعتبارًا بحرية الفرد الشخصية المسؤولة والمنضبطة، وكل شخصية لها وزير خارجية يتعامل، ويعبّر عنها وعن مواقفها، ووزير داخلية ضابط للانفعالات، ورادع عن فعل السوءات، ولها نظم إدارية مختلفة لإدارة الفرد لنفسه، وللتعامل مع الآخر.
وأجد نفسي أتكلّف عمل وزير خارجية مع كل الأصدقاء والأعداء في التعامل -بحساسية- عبر الإنترنت، سعيًا لتحقيق مهارة إدارة النفس وضبطها تجاه ردود الأفعال، والتفاعل الأقرب للرسمي مع غيري عبر كل مواقع الإنترنت.. مع أن التلقائية مطلوبة.
وما يزال كثيرون -بعد متابعة حثيثة واهتمام- يعتبرون النقاش عبر الإنترنت كالنقاش الحاضر الحيّ في مجلس مباشر، ترى فيه الأطراف وتعبيرات وجوههم -وإن استعاضت بعض تطبيقات المحادثة برموز تعبيرية عن الحالة المزاجية- فعملية النقاش عملية معقدة جدًّا تتطلب خطوات وإجراءات في حال لو كانت وجهًا لوجه.. فكيف لو كانت عبر وسائط؟!
الأهم من هذا كله أنك لا تستطيع التنبؤ بنفسية المخاطَب، الأجواء المحيطة والمؤثرات، ومؤشرات الصحة والمرض، وضرورة توفر مناخ مناسب وهادئ -وهو ما قد يحصل نادرًا؛ لأن المتناقشين في الغالب مشغولون بتطبيقات أخرى، وملاحقة الأخبار السريعة، ومجموعات أخرى في الإنترنت- ومع هذا فإنك تجد أعضاء النقاش هنا أو هناك مستغرقين وبقوة في موضوعات عميقة، ستصل بكل حال مجتزأة، ودون اكتمال لأقل مكونات وأركان الحوار.
ستكتشف بعد طول مدة: أنك دائمًا تخاطب أيقونات وصورًا، هي عبارة عن «شبح»، يتجلّى يومًا في «النور»، وأحايين أخرى في «نار»، وأنت مستغرق في امتطاء المايكرفون.. تتجلى مرة، وتستعيذ بالله مرات!
وليس من السهل، ولا من المنطقي منع النقاش عبر الإنترنت.. لكن من الضروري إعادة النظر في الموضوع ودراسة نتائجه.. أو على الأقل الابتعاد عن نقاش الموضوعات العميقة احترامًا للموضوعات نفسها وللباحثين المهتمين.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store