Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الجشع والرغبة في الربح

قبل صدور قرار رفع التعرفة الجمركية، ليصبح بكت الدخان باثني عشر ريالاً، اختفى الدخان من الأسواق.. لستُ مُدخِّنًا، ولكن رؤية بعض الأحباب، وهم يبحثون عنه، وحديثهم عن اختفائه، جذبني للموضوع.

A A
قبل صدور قرار رفع التعرفة الجمركية، ليصبح بكت الدخان باثني عشر ريالاً، اختفى الدخان من الأسواق.. لستُ مُدخِّنًا، ولكن رؤية بعض الأحباب، وهم يبحثون عنه، وحديثهم عن اختفائه، جذبني للموضوع. فالدخان اختفى كلّيةً من الأسواق، ومَن أدمنه يعرف حجم الضغط، وعند سؤالهم: أجابوا إن هناك تَغيُّرًا في الأسعار، من خلال رفع التعرفة الجمركية، وبالتالي هناك كميات موجودة في السوق، يمكن لمَن تتوفّر لديه أن يبيع بالسعر الجديد، ويستفيد من الفرق دون أي جهد. والسؤال: هل بلغ الجشع والرغبة في الربح مبلغه في مجتمعنا، بحيثُ نتخلّى عن القيم، والمبادىء، والأمانة أمام سطوة المال؟ وقس على هذا السلع الأخرى، والتي انخفضت أسعارها، ولم تتأثر الأسواق، وآثر البعض الغرامة على الخسارة. وبالرغم من وجود هيئة تستهدف الاحتكار ومنعه، لكن لا تزال آثاره تؤثر على المجتمع، ويكتوي بناره المواطن. لا نُقلِّل من جهود الهيئة، والتي تُعدُّ إضافة جيدة في بلادنا، ولكن نتحدّث عن سطوة المال، وتأثيره على المجتمع، بحيث نتخلّى عن كثير من القيم، والمُثل المهمّة، والتي تُبقي لنا إنسانيتنا. ولا شك أن هذه السلوكيات بعيدة عن قِيَم ديننا الإسلاميّ الذي يحرص على حماية ووجود إنسانيتنا في ظل الجري المحموم أمام ضغط المال. وللأسف يُنسب بعض التأثير على بعض شبابنا في الضغوط التي يُعايشونها؛ إلى المال وضغطه. للأسف أصبح المال هو الهدف والغاية لدى كثير من أبناء المجتمع، ويتم بيع أيّ شيء مقابل الحصول عليه. هذه الظاهرة السلبية والملموسة، يجب أن يُنظر لها وتُحارب، وأن لا تُترك لتُؤثِّر على مجتمعنا.
مجتمعنا لا زال -ولله الحمد- بخير، ولكن هذه التوجهات تظهر بصور مختلفة، وعند النقاش تجد أن البعض إمّا جاهلاً بحرمانيتها، أو أنه يعتبرها فرصة يجب أن تُستغل ويُستفاد منها. وبالتالي نجد أن ضغوط الحياة ربما تجعل البعض لا ينظر لها بعين السلبية، ولكن كوسيلة لا غبار عليها، يمكن أن يُستفاد منها. هناك أسس وقواعد في شرعنا تجعل أصل هذه السلوكيات ممقوتة وسلبية. فالتلاعب في الأسعار من خلال الحفاظ على مستوياتها، أو الاستفادة من الارتفاعات تتنافى مع كثير من القِيَم والأخلاق في التعامل، ولا يوجد -شرعًا، أو أخلاقًا- ما يجعلها مقبولة، أو محمودة. ولكن الرغبة في الربح، والابتعاد عن شبح الخسارة، والجشع عامل مُؤثِّر وسلبي، لا يزال يتحكَّم في كثير من تعاملاتنا. فهل تكون هناك صحوة تجعلنا نؤمن بأن حِرصنا سيُصبِح -بتوفيق الله وتعويضه- سلوكًا نحرص عليه، كما حرص عليه السابقون، أم تستمر سطوة المال تُسيِّرُنَا؟! أتمنّى أن يمنَّ الله علينا بعودة القيم التي أمرنا بها شرعنا، وأن نتحرَّى في كسبنا، ومدى مشروعيته.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store