Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كفانا الله شر الطيران الاقتصادي

ما زلت أذكر كما يذكر أبناء جيلي (أيام العز) كما نسميها خلال عقود السبعينيات والثمانينيات وصولاً إلى بداية التسعينيات حين كنا نطير على متن طائرات فخام ضخام تابعة لشركات طيران عريقة للغاية أمثال: Pan Am

A A
ما زلت أذكر كما يذكر أبناء جيلي (أيام العز) كما نسميها خلال عقود السبعينيات والثمانينيات وصولاً إلى بداية التسعينيات حين كنا نطير على متن طائرات فخام ضخام تابعة لشركات طيران عريقة للغاية أمثال: Pan Am، وTwa إضافة إلى الخطوط البريطانية والفرنسية، ولا تستثنى من ذلك خطوطنا السعودية أيام الترايستار وما شابهها من الطائرات العملاقة، وقتها كانت شركات الطيران تتنافس في توفير الرفاهية للركاب ليس في الدرجة الأولى ودرجة الأعمال فحسب بل في الدرجة السياحية أو الاقتصادية كما تسمى، وكانت (السعودية) في مقدمة الشركات التي تقلل من أعداد المقاعد داخل مقصورة الطائرة لتوفر المزيد من السعة للراكب ليسترخي ويمد قدميه في كل الدرجات على السواء. كما كانت تقدم على متن هذه الطائرات جميعًا أشهى الوجبات وأرقاها وتعطي الفرصة للراكب للاختيار من بين وجبات عدة، كما كان أمرًا بدهيًا أن يسمح للراكب باصطحاب حقيبتين مهما بلغ وزنهما وكان ذلك متبعًا في شركات الطيران الأمريكية خصوصًا. كما كان متاحًا له أن يغيّر حجزه كيفما شاء دون أي قيود أو عقوبات أو غرامات، هكذا كانت حال الطيران وشركات الطيران في عقدين خليا، إلى أن ابتلينا قبل عقدين خليا أيضًا بما يُسمَّى: (Budget Fly)، أو الطيران الاقتصادي. تحت شعارات مثل: (Every Body Can Fly)، أي (كل الناس يمكنهم السفر بالطائرة)، في إشارة إلى خفض أسعار التذاكر مقابل تدني الخدمات أو الوصول بها إلى القاع أو انعدامها، علمًا بأن الأسعار تتضاعف في حال الحجز قبل الرحلة بوقتٍ قصير، ومن احتاج إلى طعام أو شراب، فإن بعض الشطائر والمأكولات والمشروبات الخفيفة متاحة للبيع، بأسعار عالية، وبعد أن كنا نصطحب حقيبتين ضخمتين كما ذكرت في الماضي، فإن قوانين الطيران الاقتصادي تقضي بعدم السماح بحمل أي حقائب أو أن تدفع رسومًا على كل حقيبة، تزداد مع ازدياد العدد، فالثانية أغلى من الأولى، بل تضرب التكلفة في 4 أو أكثر إن كثرت الحقائب، علمًا بأن الوزن المسموح به لا يتجاوز 23 كلغ، وتوزن الحقائب كما يوزن الذهب ولا يسمح بأي زيادة ولو كانت نصف كلغ، وإلا دفع المسافر غرامة تزيد عن مئة دولار أو يجبر على توزيع أوزان الحقائب بين حقيبتين أو أكثر ويخرج ملابسه وملابس أهله أمام (خلق الله) وعلى رؤوس الأشهاد، وعلى كل الأحوال، إن واجهتك أي مشكلة في سفرك فمن تُكلِّمَ في نظام الطيران الاقتصادي: فأنت لا تتعامل مع بشر قط، وكل حجزك وبطاقات صعود الطائرة وسواها آلية وإلكترونية.
وما ذكرته حتى الآن ليس إلا نزرًا يسيرًا مما يعتور هذا النوع من الطيران التعيس البائس من منغصات ونقائص وسوء حال.
أما هدفي الرئيس من وراء كتابة هذا الموضوع فهو التنبيه بقوة إلى عدم انجراف شركات الطيران العاملة لدينا من سعودية وغيرها في هذا المستنقع الموبوء المسمى (الطيران الاقتصادي)، فمن حقنا أن ننعم بشيء من الرفاهية، وأن تقدم لنا خدمات متميزة ولو كانت محدودة، ويبدو أننا قاب قوسين أو أدنى من دخول ذلك المعترك، فكفانا الله وإياكم شر الطيران الاقتصادي.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store