Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

من كتب مقال معالي وزير التعليم العالي؟!

ولماذا كُتِب مقال: (تعليمنا.. إلى أين)؟ فهل يحتاج الوزير إلى شرح عمله في مقالة؟ لأنه من النادر أن يكتب وزيرٌ مقالةً صحفيةً مختصّة بمجال عمل وزارته؟ فهل كتب المقال بنفسه؟

A A
ولماذا كُتِب مقال: (تعليمنا.. إلى أين)؟ فهل يحتاج الوزير إلى شرح عمله في مقالة؟ لأنه من النادر أن يكتب وزيرٌ مقالةً صحفيةً مختصّة بمجال عمل وزارته؟ فهل كتب المقال بنفسه؟ وبدافعٍ من حنين إلى شخصية الكاتب؟
حسنًا.. ستفاجئون ربما بثقافتي الضئيلة إذا أخبرتكم أني إلى فترة قريبة كنت أجزم أن ما أقرأه في الصحف من كلمات لمسؤولي القطاعات وكبار التنفيذيين هي نتاج أفكارهم، وهو أسلوبهم اللغوي، على الرغم من تشابه الأساليب الرسمية، والتي لا تُعجز أحدًا؛ فكلماتها واحدة، تُكرّر مفرداتٍ كــ(منظومة، أهداف، تحقيق المصلحة العامة، فيما يعود على الفرد بالمنفعة ويخدم الوطن، باستراتيجيات وخطط مدروسة). صُدِمتُ مرّةً حيث أشغلتُ زميلي عن ربكته واندماجه واستغراقه في كتابة كلمةٍ لواحد من أصحاب المعالي في مناسبة وطنية، وبعدها فهمت أن زميلي وغيره مساكين، يكتبون ما سيُنشر غدًا بأسماء غيرهم من رؤسائهم في العمل وبصورهم المعروفة.
كتابة الكلمات والخطابات الرسمية لكبار المسؤولين من قبل محرر ضليع ومختصّ ليس أمرًا معيبًا، بل يدخل ضمن البروتوكولات الرسمية المعروفة، ومن الضروري وجود مختص في الصياغة يُعطى رؤوس الأقلام ويصيغ بناء عليها الرسالة المطلوبة، ويراجَع كلامه مرةً، وأخرى من قبل مختصين آخرين في الاتصال والخطاب، ويُعرَض مرة أخيرة على المسؤول يراجعه ويعدّل عليه، وهذا ليس موضوعنا. (في الأيام الأخيرة صرتُ أمارس العمل نفسه وأكتب كلمات رسمية وخطابات لمسؤولين).
ما قصدته أن المتلقي يصاب دائمًا بالتبلّد إزاء التعاطي مع الكلام الرسمي المستهلَك في القطاعات العامة، بعكس الخطابات الرسمية ورسائل الجهات العليا والتي تلتزم الاقتضاب والإيجاز الاحترافي، وتكون في أضيق الظروف، ووقت الحاجة.
ومن المؤكد جدًا -لمن قرأ مقالات الوزير قبل الوزارة-، أن المقال المعنيّ هو مقالٌ كتبه الوزيرُ بنفسه، وهو نتاج كتابته الشخصية، وأسلوبه المعروف، فأين تكمن المشكلة؟
بناء على الصورة الذهنية المعروفة تجاه الخطابات الرسمية لمسؤولي التعليم أو غيره من الوزارات، وحالة التبلد الغالبة حيالها، فكل ما أخشاه أن تنعكس كتابة المقالات الجادة والمخلصة سلبًا على أداء الوزير وعمل الوزارة، ليس من جانب الوقت والتنظير الذي يعابه الوزير نفسه في مقاله، وإنما إلى أبعاد أخرى وجب أن نشير إليها؛ خاصة إذا تعمّقنا في فكرة التفريق بين الكاتب ككاتب، والكاتب كشخص أو موظف، فالكاتب إذا انفك من عتق وظيفته كتب بكل أريحية، ووجّه بتعديل أو انتقاد، أو مقترح.. أما إن أمسك بالقلم، ومارس الكتابة بنَفَس الكاتب – كما كان – وأمامه تتخايل الوظيفة وبيئة العمل ومشكلاتها – فسيحدّ هذا من كثير من الجرأة المعهودة، أو بصورة أخرى سيضطر إلى مكاشفة أكبر أخشى ما أخشاه أن تفيد خصومه، ويتخذوا من مقالاته خطةَ عملٍ للبدء في المحاربة أكثر! فالفكر معروف والخطط منشورة!!
مشكلة الكاتب دائمًا أن أفكاره معروفة، ويريد كشفها، وليس لديه ما يخفيه، فلو كان بعكس ذلك لما كتب مقالا واحدًا، وعلى النقيض أربابُ العمل الذين يعتمدون على التجهيز والاحتياط قبل النشر.. فهل كاتب المقال هنا: (تعليمنا.. إلى أين) هو د. أحمد العيسى الكاتب المعروف؟ أم هو د. أحمد العيسى الوزير؟
وعلى أي حال.. سأستعرض الأسبوع المقبل -بحول الله - تحليلا أكثر للمقال ولغته وما فهمته من رسالته.. قبل أن يسترسل معالي الوزير في الحديث عن التعليم العالي، وهو حديث ذو شجون.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store