Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لاءات سادت ثم بادت

في مجتمعنا تحديداً منذ نعومة أظفاري أنا ومن في معيتي العمرية التي تجاوزت خمسة عقود مررنا بالكثير من لاءات الرفض القاطعة ،البعض منها لاءات أسرية والبعض مجتمعية ،لكن أغلبها شرعية تلك اللاءات التي تنادي

A A
في مجتمعنا تحديداً منذ نعومة أظفاري أنا ومن في معيتي العمرية التي تجاوزت خمسة عقود مررنا بالكثير من لاءات الرفض القاطعة ،البعض منها لاءات أسرية والبعض مجتمعية ،لكن أغلبها شرعية تلك اللاءات التي تنادي بالويل والثبور وعظائم الأمور لكل من يخالفها أو يخترق جدرانها المتينة أو يقفز من على أسوارها العالية وللأسف أن تلك اللاءات قد بدأت ممارستها من قبل الأسرة مثل قولهم لا تلعب ولا تبدِ رأيك بما يخالف من هو أكبر منك ،ولا تعترض على مسألة أو سلوك أو معلومة ،ولايهم أن يكون اعتراضك عليها منطقياً أو مقبولاً أو حتى سيحل قضية كانت قبل ذلك مستعصية ،بل هي لاءات لمجرد القمع والرفض فكانت تلك البداية لكبت السلوك والمشاعر والمواهب والقدرات ووأدها في مهدها وبالطبع أُجبر ذلك الجيل على القبول وطأطأة الرأس كيفما اتفق .
ثم تلقف المجتمع بعد ذلك تلك المهمة اللائية فبدأ يمارسها مع فئة الشباب ليكمل مابدأه أسلافه الأسر فكانت لاءاته الرافضة لمقارعة العادات والتقاليد المقيدة للحريات بغير وجه حق كرفض المشاركة في اللقاءات المجتمعية ثم لاتفعل أوتقُلْ عند معارضتك لبعض العادات والتقاليد المتوارثة ولايهم صحتها من عدمه ثم جاءت المدرسة التي يفترض أن تكون المتنفس والهروب من تلك اللاءات لكنها للأسف قامت بإحكام المنافذ بالكثير من اللاءات الأخرى التي لا تنطلق من تقويم السلوك بل من عنجهية السلطوية المطلقة للمعلم والإدارة ، وهكذا بقية المؤسسات المجتمعية المحيطة حتى يخيل إليك أحياناً أنك مسير اجتماعياً ولست مخيَّراً .
ثم كانت الطامة الكبرى من لاءات الرفض التي أُطلِقت تحت مظلة حرمتها دون دليل شرعي بيِّن ،فعلى سبيل المثال لا الحصر لاءات تعليم البنات ثم لاءات اقتناء التلفاز أو مشاهدته ثم لاءات التصوير بكل أوجهه ثم لاءات سماع الإذاعة ثم لاءات استخدام الهاتف المتدرجة حسب تطور مصنعيَّته ثم لاءات استخدام الكاميرا وتتابعت اللاءات ولازالت جارية حتى كتابة هذه المقالة .
ولعلي بعد هذا العرض الموجز للاءات الرفض التي واجهناها ولازالنا نواجهها في مجتمعنا على وجه الخصوص أستطيع القول إن تلك اللاءات لم تنطلق من أساس شرعي أو أخلاقي بل انطلقت من أساس تسلطي والدليل أن كل تلك اللاءات المانعة أصبحت اليوم قابلة للتنفيذ بل واجبة التنفيذ في أغلبها كما هو الحال في التعليم او في مخرجات التقنية التي أصبحت في متناول كل مانع لها بل إنها أصبحت من ضروريات الحياة ، لكن الأمر المؤسف أن تلك اللاءات كان لها الأثر البالغ في كبت المواهب والقدرات والمهارات ووأدها مما أنتج لنا مجتمعاً استهلاكياً خامد الفكر ضامر المهارات . والله من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store