Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

انتفاضة الربيع العربي ومنطق التخلف!

في بداية ما سمي بالربيع العربي فكَّر الجميع بأن العالم العربي أمام ثورة حقيقية تزلزل الأرض من تحت الأنظمة المستبدة وتقود المجتمعات الى الأمام واللحاق بالعالم في شتى مسالك التقدم والرقي، من خلال عمل مؤ

A A
في بداية ما سمي بالربيع العربي فكَّر الجميع بأن العالم العربي أمام ثورة حقيقية تزلزل الأرض من تحت الأنظمة المستبدة وتقود المجتمعات الى الأمام واللحاق بالعالم في شتى مسالك التقدم والرقي، من خلال عمل مؤسساتي يضمن الحرية والعدالة والمساواة للجميع. وقد فات على الكثيرين بأن الثورات لا تحصل إلا بعد أن يكون لها فكر يرسم معالم طريقها وتستنير به لتحقيق الأهداف الواضحة وفق برنامج موثق يشكل مرجعية يحتكم إليها الثوار في حالة الانحراف عن المسار المرسوم مسبقاً. والمقياس كان ولازال الثورات: الفرنسية والأمريكية والروسية التي أدت الى انفصال كامل عن الماضي ونهضت بالشعوب الى عالم جديد مبني على دساتير متجددة مع مرور العصر والانتقال من مرحلة زمنية الى أخرى بكل تطوراتها وإنجازاتها الحضارية. ولا أحد ينكر أن العنف الدموي للثورات الثلاث كان موجوداً ولكن العبرة بالنتائج كما يقول المثل. العفوية وغياب الفكر الذي قاد موجة الغضب كان السمة السائدة في الربيع العربي ولذلك عادت الدولة العميقة لتحبط الجهود وتدخل المجتمعات في دوامة الفوضى والحروب الأهلية وتُحدث دماراً لا حدود له والشواهد تثبت ذلك من اليمن الى ليبيا. هناك دول عربية أخذت حصتها من الصراعات مبكراً مثل الجزائر التي مرت بحرب أهلية عنيفة. والسودان الذي عاش حروباً انتهت الى التقسيم. ولبنان الذي يعيش في قبضة الطائفية منذ خروجه من الحرب الأهلية بعد أن أوقفها مؤتمر الطائف برعاية خاصة من المملكة العربية السعودية
الجهل والتخلف يقفان وراء كل الإخفاقات التي مرت بها المنطقة العربية من بداية القرن العشرين حتى اللحظة الراهنة. فعندما تتصادم تيارات التقدم والجهل وينتصر الثاني فإن مآل الشعوب إلى الإحباط والانتقام وفقدان الثقة في قياداتها التي خيبت آمالها. التجربة الخمينية في إيران بعد مرور أكثر من ثلث قرن من الزمن تنتقل من السيئ الى الاسوأ بسبب الجهل بين الحداثة والتخلف وليس بسبب قلة الموارد الطبيعية والإمكانات التي تؤهل شعبها لحياة أفضل وحسن جوار بعيداً عن الطائفية وأطماع الهيمنة.
العراق وسوريا وليبيا أمثلة صادمة لكل فكر عقلاني بما وصلت اليه تلك المجتمعات التي كان بإمكانها أن تكون في مصاف الدول المتقدمة مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية ولكن الجهل وضعها حيث هي الان. واليمن بقيت وستظل الى أمد تعيش خارج العصر بسبب الجهل والتخلف.
وآخر القول إن الجهل يسبق التخلف ، وكلاهما يؤدي إلى الفساد والفوضى... وبالعلم تسود الأمم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store