شبكة الفساد

تهدد التقنية الحديثة شبكة الفساد والمنظومة التي تسيطر عليها ، فبالقدر الذي أسهمت الخدمات الإلكترونية التابعة لوزارة الداخلية ومعظم القطاعات التابعة لها في تيسير الإجراءات للمواطنين ، وفي الوقت الذي تشهد الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية توفير الخدمات عبر بواباتها الإلكترونية ، هناك عداء مستحكم لهذا الإنجاز الذي قطع الطريق على أولئك الذين يسترزقون على حساب المواطنين لأن تلك الانجازات ضعّفت فرص العبث بمقدرات الآخرين ونوافذ الفساد داخل شبكته. لعل من نافلة القول أن نذكر بأن هناك مجموعة ممن لا ينتمون إلى شبكة الفساد إطلاقاً ولكنهم يخشون مستقبل التقنية التي قد تؤدي الى الإستغناء عنهم وعن وظائفهم مما اضطر بعضهم لمناصبة العداء للتقنية الحديثة التي أصبحت تقلق مضجعهم، وهناك بعض القلة ممن هم أعداء لأي تغيير أو تطوير وبعضهم أعداء لما يجهلون، وبعض كبار التنفيذيين شعروا بأن نفوذهم وتسلطهم وهيبتهم قد ضعفت فناصبوا تلك التقنية العداء . في هذا السياق هناك دراسة ميدانية أجرتها إحدى الشركات الكبرى على تسع دول عربية وتضمنها تقرير صدر عن المنتدى الإقتصادي العالمي تبين أن الواقع العملي يشير إلى وجود فجوة هائلة بين الفوائد المرتقبة التي يفترض أن تقدمها نظم المعلومات للأجهزة الإدارية بالدول العربية وبين الفوائد التي تم الحصول عليها بالفعل، ذلك أن نظم المعلومات تم إدخالها إلى الوحدات الإدارية بدون إجراء أي تغييرات في الهياكل التنظيمية أو في الإجراءات التشغيلية فضلاً عن عدم وجود التأهيل والتدريب المطلوب وضعف البنية التحتية وتعدد المشكلات المتعلقة بالأعطال وسرعة الإصلاح واجراء عمليات الصيانة الوقائية . هناك مشكلة كبرى تواجهها تقنية المعلومات وهي إشكالية بعض الجهات الحكومية التي تحكمها الفردية لا المؤسساتية وهذه الثغرة أوجدث مساحة كبيرة لمن أراد أن يستفيد من هذا الضعف لتحقيق مآربه وأهدافه الشخصية دون محاسبة أو مساءلة ولا غرو بالتالي لو تعثرت المشاريع الإلكترونية أو سواها. إن على خصوم التقنية أياً كانت انتماءاتهم أو مصالحهم أن يتخلوا عن هذا التوجه السلبي وعليهم أن يكونوا جزءاً من التطوير وإلا فستحبط أعمالهم وسينقلب السحر على الساحر، ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله.