Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

السعودية ومصر.. الحلم كبير والمعضلات أكبر!

زيارة الملك سلمان التاريخية لمصر تُعيد عجلة التاريخ إلى الوراء، لتُذكِّر بأول زيارة للملك عبدالعزيز، التي نتج عنها عدّة أمور أسَّست لنظامٍ عربي جديد، وشكَّلت مستقبل المنطقة العربية بدايةً بالتضامن الع

A A
زيارة الملك سلمان التاريخية لمصر تُعيد عجلة التاريخ إلى الوراء، لتُذكِّر بأول زيارة للملك عبدالعزيز، التي نتج عنها عدّة أمور أسَّست لنظامٍ عربي جديد، وشكَّلت مستقبل المنطقة العربية بدايةً بالتضامن العربي، وتأسيس الجامعة العربية، واستمرار التعاون الوثيق بين مصر والسعودية.
ومع مرور الزمن وتسارع المتغيرات في الأنظمة السياسية العربية، كان هناك مد وجزر في العلاقات الدولية، ولكن الثوابت بين البلدين بقيت صامدة أمام تحديات التغيير، وتقلُّبات الأنظمة السياسية. حالة الوضع الراهن في العالم العربي غير مسبوقة، والتاريخ على ذلك من الشاهدين. حروب أهلية، وفوضى أمنية، وانهيارات اقتصادية، وأنظمة سياسية منهارة، وإرهاب يصول ويجول في المنطقة، ويُهدِّد الأمن والاستقرار العالمي، وأعداء يتربّصون بالأمة ريب المنون، يصاحب كل ذلك فشل في تحقيق أي تقدم لحل القضية الفلسطينية.
الملك سلمان بن عبدالعزيز عاصر كل التقلبات، ومُطّلع على كل تفاصيل الأحداث التي مرّت بها المنطقة خلال العقود الماضية، بحكم قُربه -في سِنٍّ مُبكِّرة- من صناعة القرار في المملكة، وبكمّ اطّلاعه وثقافته الواسعة، ولذلك فهو يرى المشهد، ولديه من الخبرة ما يُمكِّنه من الإقدام على رسم خارطة طريق المستقبل بشجاعة وثقة قيادية. وبالتعاون بين مصر والسعودية يمكن إخراج الأمة من أزماتها الحالية، التي تعجز النعوت والمفردات اللغوية عن وصفها.
الزيارة تحظى باهتمامٍ إعلامي مُكثَّف، وتحاليل مُتخصِّصة من خبراء محليين وعالميين، وأجندة الزيارة مُحمَّلة بموضوعٍات كثيرة، تناشد الحلول السريعة من الجانبين المصري والسعودي. ومن غير المعقول أن يُطلب من الدولتين حل كل مشكلات المنطقة بدون مشاركة الآخرين، لأن مساحة الخلافات واسعة من المحيط إلى الخليج، ولكن البداية من مركز الثُّقل في مصر والسعودية، وهو ما يُعوِّل عليه الكثيرون في تقريب وجهات النظر، ولمَّ شمل الأمة المُصاب بأزمةٍ عميقة من الداخل والخارج.
مدة الزيارة الطويلة تُعطي فرصة لإخراج برنامج مصري سعودي يُؤسِّس للمرحلة المقبلة، ويتصدَّى بحزمٍ للمُعضلات الحادة حاليًا. سوريا واليمن وليبيا من جهةٍ، وإيران وإسرائيل وأطماعهما في المنطقة من جهةٍ أخرى.
خبرة الملك سلمان السياسية، وقدرات مصر العميقة، عندما تجتمع بهدف إخراج حل مُوحَّد يَخدم مَصالح الأمة العربية، يتوقع له القبول من كافة الأطياف العربية، حتى وإن كانت الخلافات مُزمنة وعميقة، لأن الشعوب العربية تعبت من الفوضى والإرهاب، والإخفاقات التي لا حدود لها.
هل هذا التمنِّي بعيد المنال.. قد يكون! ولكن الوضع لا يتحمَّل مَزيدًا مِن الانهيارات المُفجعة التي حلَّت بالأمة، وقد حان الأوان للتصدِّي لها بحزم، وانتفاضة قيادية تُقدم على اتخاذ القرار وتتحمّل مسؤوليته، وهذا المأمول من القمّة السعودية المصرية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store