Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حتى الآن.. ما نراه ليس سوى سراب!!

من غير الممكن تصوّر كيف سيتم الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية عبر مفاوضات واشنطن المقبلة، وما يليها طالما أن الإسرائيليين يشعرون بالأمان في الأراضي التي احتلوها واستوطنوها، وبالتالي فهم لا يرون مكاسب لهم في الذهاب إلى (سلام) عادل مع الفلسطينيين، ولا يخشون شيئًا فيما إذا لم يحققوا للعرب -بما فيهم الفلسطينيون- ما يطالبون به.. إضافة إلى ذلك لا يرى الإسرائيليون هذه الأيام جزرة ولا عصا أمريكية؛ لأن الجزرة مضمونة لهم مهما فعلوا، والعصا معصومون عنها مهما أخطأوا..

A A

من غير الممكن تصوّر كيف سيتم الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية عبر مفاوضات واشنطن المقبلة، وما يليها طالما أن الإسرائيليين يشعرون بالأمان في الأراضي التي احتلوها واستوطنوها، وبالتالي فهم لا يرون مكاسب لهم في الذهاب إلى (سلام) عادل مع الفلسطينيين، ولا يخشون شيئًا فيما إذا لم يحققوا للعرب -بما فيهم الفلسطينيون- ما يطالبون به.. إضافة إلى ذلك لا يرى الإسرائيليون هذه الأيام جزرة ولا عصا أمريكية؛ لأن الجزرة مضمونة لهم مهما فعلوا، والعصا معصومون عنها مهما أخطأوا.. باختصار إذا لم يشعر الإسرائيليون بأن العرب -والفلسطينيون منهم- يمكن أن يصيبوهم بالأضرار، أو أن يحققوا لهم النفع بناءً على تصرفهم تجاه الأراضي الفلسطينية وشعبها.. فإنهم لن يجدوا حاجة لتقديم أي تنازلات. آخر القادمين إلى ساحة القضية الفلسطينية كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي بشر بواقع جديد للمنطقة بداية رئاسته، وكان مخلصًا حينها فيما قال، وانتهى به الأمر الآن إلى الاستسلام لكل ما تفرضه إسرائيل على أرض فلسطين، وعلى السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالوطن الفلسطيني المسلوب، وسمع رجال إدارته، وربما سمع أوباما نفسه، توبيخًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول لهم فيه: لا تلعبوا بمستقبل شعبي -أي الإسرائيليين-. وحقيقة لا أجد أي مبرر وجيه يدفع العرب أو الفلسطينيين إلى القبول بالذهاب في جولة جديدة من المفاوضات مع الإسرائيليين في واشنطن أو غيرها، ابتداءً من يوم الاثنين المقبل (الثاني من سبتمبر)؛ لأنه لا يوجد على أرض الواقع جديد يمكن لأي عاقل أن يبني عليه موقفًا مثل هذا.. فلا إسرائيل بيّنت بوضوح ما الذي يمكنها أن تعرضه على الفلسطينيين عبر هذه المفاوضات (بحجة رفض الشروط المسبقة)، ولا إدارة أوباما أظهرت أنها قادرة على جعل إسرائيل تقبل (الرأفة) بالعرب والفلسطينيين، وتقديم حلول لهم.. ولكنها الأحلام التي يعيشها المفاوض الفلسطيني، والضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي جعلت الرئيس محمود عباس يستجيب لطلب واشنطن، ويدخل في مفاوضات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي عبّر عن نواياه السيئة بوضوح كامل وتعالٍ، حتى قبل أن يبدأ رحلته إلى واشنطن، وأرغم الإدارة الأمريكية على إطلاق المفاوضات حسب الشكل والمضمون الذي حدده. جورج ميتشل، المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، معجب بإنجازه في أيرلندا الشمالية، ونجاحه بإيقاف الحرب الأهلية بين البروتستانت والكاثوليك من مواطني ذلك الجزء من أيرلندا التابع للمملكة المتحدة (بريطانيا)، لذا فإنه سعى إلى تذكير الصحافيين الذين تجمعوا الجمعة الماضية في وزارة الخارجية الأمريكية للاستماع إلى هيلاري كلينتون وإليه يعلنان الدعوة إلى المفاوضات الجديدة، بأنه كان صانع السلام في (أيرلندا الشمالية)، ورد على سؤال لأحد الصحفيين عمّا يدفعه إلى التفاؤل بنجاح المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بالقول إنه استفاد من الدروس التي تعلّمها خلال مفاوضاته تلك (الأيرلندية): “حققنا سبعمئة يوم من الفشل، ويوم واحد من النجاح”، وحتى الآن فإن ميتشل استنفد عشرين شهرًا تقريبًا (أي حوالي ستمئة يوم) في جولات مكوكية بين مختلف الأطراف في نزاع الشرق الأوسط.. إلاّ أنه قال إن عباس ونتنياهو وافقا على تحديد سقف زمني، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب به، وهو سنة واحدة ( ثلاثمئة وستين يومًا) لإنجاز المفاوضات. ورغمًًا عن الغموض الذي يسود المفاوضات المقبلة إلاّ أن الإسرائيليين يعتبرونه تنازلاً من قبلهم لرغبات الإدارة الأمريكية، وتتحدث تقارير صحافية عن أن المفاوضات لن تقتصر على الفلسطينيين فحسب، بل ستشمل التفاوض مع سوريا حول تحرير الجولان، وكذلك الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.. وتقول الصحف الإسرائيلية ومن ضمنها (هآرتس) في تحليل لها أن أوباما ونتنياهو اتفقا خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة لواشنطن على النظر إلى حل القضية الفلسطينية من ناحية، وإيقاف إيران عن تطوير نشاطها النووي إلى درجة تحويله إلى سلاح من ناحية أخرى، على أنهما يشكّلان وحدة مترابطة، وأن نتنياهو وافق على إعطاء الأولوية للبدء في مفاوضات مع الفلسطينيين تستهدف الوصول إلى نتائج إيجابية فيها خلال عام من بدايتها، وبالمقابل تتحرك الإدارة الأمريكية فى الموضوع النووي الإيراني بالشكل الذي يرضي الإسرائيليين. المقلق، والمحيّر، فى موضوع الدعوة الأمريكية إلى المحادثات الفلسطينية - الإسرائيلية هو أنها تجاهلت الإشارة إلى أي مرجعية، واستجابت للمطالب الإسرائيلية بأن لا شروط مسبقة.. في حين أنه سبق للفلسطينيين أن تفاوضوا مع الإسرائيليين، وأتفق الطرفان على العديد من الأمور، وعجزوا عن الاتفاق على أمور أخرى.. كما أن العرب عرضوا مبادرة سلام في قمتهم ببيروت منذ أكثر من ثماني سنوات، وأصدرت اللجنة الرباعية بيانًا انتظره محمود عباس طويلاً ليكون مرجعية له في المفاوضات المقبلة. الفشل في الوصول إلى حل للمعضلة الفلسطينية - الإسرائيلية عبر المفاوضات المقبلة التي ستبدأ بواشنطن قد يؤدي إلى عواقب وخيمة ليس في فلسطين فحسب، بل ومناطق أخرى، وربما كان من الأفضل إبقاء الوضع كما هو عليه إلى أن تحين فرصة أفضل للحل، من أن تتعرض منطقة الشرق الأوسط بكاملها لعواقب مجهولة النتائج. ص. ب 2048 جدة 21451 adnanksalah@yahoo.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store