Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رحلة الملك سلمان.. وصناعة التاريخ

كانت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الأسبوع الماضي لكل من القاهرة وأنقرة، ثم إسطنبول للمشاركة في أعمال مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي التي وصفها الرئيس التركي رجب ط

A A
كانت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الأسبوع الماضي لكل من القاهرة وأنقرة، ثم إسطنبول للمشاركة في أعمال مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي التي وصفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنها قمة العدل والسلام، كانت بمثابة فتح لما أُغلق على الأمة الإسلامية لقرابة قرن من الزمان للأخذ بأسباب النصر، فقد كانت زيارة تاريخية بكل المقاييس، وليس أدل على ذلك من الحفاوة البالغة والتقدير الكبير الذي قوبل به الملك سلمان -رسميًا وشعبيًا وإعلاميًا- في العاصمتين الكبيرتين، فهي زيارة متعددة الجوانب، حملت في ملفاتها جنبًا إلى جنب ملفات تصب في مصلحة الأمة الإسلامية ككل، إضافة للملفات التي تصب في مصلحة المملكة اقتصاديًا وسياسيًا، ومن ذا الذي يستطيع أن يُنكر الثقل الإستراتيجي لمحور السعودية - مصر - تركيا، إذا شاءت الأقدار له أن يكون، والدور الكبير الذي ستُشكِّله الدول الثلاث مجتمعة، ومن انضم إليها لاحقًا في حال توصّلها إلى تأسيس تعاون إستراتيجي مشترك في الدفاع عن هوية المنطقة، وعن مصالحها الأمنية والعسكرية والاقتصادية، وتطورها صناعيًا وتقنيًا وعلميًا.
اشتملت الزيارة على التوقيع على عدد كبير من المشروعات الإستراتيجية العملاقة من بينها اعتماد مشروع إنشاء جسر الملك سلمان الذي يربط بين المملكة وشقيقتها جمهورية مصر العربية برًا، بجسر يمر بالجزيرتين «تيران وصنافير» الواقعتين عند خليج العقبة، بعد أن أكّدت الحكومة المصرية على أن الجزيرتين واقعتان ضمن المياه الإقليمية للسعودية، والجسر - في حال تنفيذه بإذن الله- سيكون همزة وصل بين البلدين الشقيقين يُعين على تواصلهما الاقتصادي والديني (الحج والعمرة)، والاجتماعي، على الرغم من الجدل الذي أثاره البعض عن ملكية الجزيرتين.
إسرائيل بطبيعة الحال مستاءة جدًا من هذه الاتفاقية، حيث ترى أنها تتعارض مع مصالحها الأمنية الإستراتيجية. ولا يكاد يخفى على ذي بصيرة بأن الغرب قد زرع إسرائيل في تلك الأرض المقدسة (فلسطين المحتلة) لتكون سدًا منيعًا للحيلولة دون التعاون والتواصل بين مصر والشام، وللإيضاح، فأمثلة ذلك التعاون كثيرة في التاريخ الإسلامي، كما حصل في عين جالوت -أحد أكبر معارك الإسلام التاريخية الفاصلة- في رمضان 658هـ، وكانت جنوب فلسطين هي موقع عين جالوت التي أعز الله بها الإسلام والمسلمين، وكسر فيها الجيش الإسلامي -بقيادة المظفر سيف الدين قطز- جيوش المغول؛ التي اكتسحت العالم الإسلامي، مرورًا بعاصمة الخلافة العباسية بغداد، والأمثلة المشابهة أثناء الحروب الصليبية كثيرة جدًا، من ذلك تتضح بعض أهم الملامح الإستراتيجية لإقامة الجسر، الذي يعتبر خطوة إستراتيجية هامة في الاتجاه الصحيح.
أما عن قمة منظمة التعاون الإسلامي، فقد انشغلت بالعديد من القضايا الساخنة، مثل الأزمة السورية الطاحنة وقتل النظام السوري الأثيم لسنّة أهل الشام وتهجيرهم من ديارهم، وبعودة الشرعية لليمن، والتدخلات الإيرانية الجليّة في العالم العربي، إضافةً للمخططات الغربية التي تسعى إلى تفتيت العالمين العربي والإسلامي، وكذلك المخططات الروسية الظالمة في سوريا، كما تناولت القمة دعم القضية الفلسطينية على أسس جديدة (قديمة) من بينها حق العودة للفلسطينيين المهجرين من ديارهم.
أيّد الله الملك سلمان -ملك الحزم والعزم-، وأيّد المحمّدين، سمو ولي العهد، وسمو ولي ولي العهد، لما يُقدِّمونه من أسباب العزة والنصرة؛ للإسلام والمسلمين.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store