مكاتب الاستشارات.. وردع السماسرة

في علم التخطيط تكون الاستشارات من أهم أساسيات العمل، بل ومن الأولويات في تنظيمه، وفي تطوير الأداء، سواء كان العمل في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص.
في المملكة توجد مئات المكاتب الاستشارية التي تُشكِّل عمود بناء ومقوّم دعم لبيئات العمل المختلفة، وتتنوَّع هذه المكاتب بين الكبيرة والمتوسطة والناشئة، وتختلف مهامها في تقديم الاستشارات ما بين قانونية وإدارية، وسياسية واقتصادية، واجتماعية وتنظيمية، وبيئية وعلمية... وغيرها من الاستشارات، التي تُشكِّل عِلمًا لا حدود له، ومفهومًا يُؤسِّس للعمل، ويبلور خارطة مستقبل المشاريع، ويُوظِّف الخبرات، ويُنمِّي المهارات، وصولاً إلى النتائج والأهداف المناطة بأي قطاع، سواء كانت وزارة أم شركة، أم مؤسسة أم افراد.
هنالك لجان للمكاتب الاستشارية في الغرف التجارية تتابع آلية عمل المكاتب الاستشارية، وتولي وزارة التجارة متابعة آليات إصدار التراخيص وغير ذلك، ولكن ومن خلال لغة الأرقام والنتائج، فإن هنالك صدودا من قبل بعض الجهات من التعاون مع المكاتب الاستشارية السعودية، علمًا بأن هذه المكاتب تُقدِّم عملًا مُميَّزًا واحترافيًا، في حين تتعاقد مع أفراد أو مع مكاتب أجنبية لها ممثلين أو خلاف ذلك، وبشكلٍ غير مؤسساتي، علمًا بأن المكاتب الوطنية أقل تكلفة، وأعلى جودة، مما شكَّل فجوة بين القطاعات الحكومية والاستشاري السعودي، وأزمة ثقة انعكست سلبا على العمل والهدف، ولا يزال هنالك تجار شنطة يُزاحمون تلك المكاتب بطريقتهم الخاصة، وبحيل احترافية، وبمساعدة للأسف من بعض الجهات التي نزعت الثقة من المكاتب الوطنية المتميزة، والتي تُقدِّم عملًا محترفًا وخاصًا واستراتيجيًا.
كل هذه العوامل جعلت العديد من المكاتب تتوقَّف، وبعضها غيَّر نشاطه، في حين أن لجان المكاتب الاستشارية ظلت لزمن وهي تعقد الاجتماعات وترفع الخطابات، ولكن بعيدًا عن توظيف أهداف هذه اللجان، وما أسّست من أجله، إضافةً إلى أن هنالك مكاتب وهمية تعمل وأخرى غير مستوفية لشروط العمل، وآخرين يعملون بطرق تخالف الأنظمة، لذا فإن الواجب أن تقوم وزارة التجارة ومجلس الغرف السعودية بوضع خطة عاجلة لتصحيح أوضاع مكاتب الاستشارات من جهة، وأن يتم وضع اتفاقيات مع الجهات الحكومية والوزارات من أجل وضع تصوُّر مستقبلي واضح لأهمية الاستعانة بالمكاتب الاستشارية السعودية لتقديم الاستشارات، وأهمية ذلك، ورصد العديد من التجارب المميزة في هذا الجانب، وإيجاد رقابة عاجلة على السماسرة القادمين من الخارج، والعمل بدون عقود واضحة مع بعض القطاعات، وعدم وجود مواقع لهم، والعمل من الباطن من خلال مكاتب خارجية، ومنع تواجد تجار الشنطة الذين شوّهوا سوق الاستشارات، وأساءوا لهذه المهنة التي تُعد من أركان العمل المؤسساتي المميَّز، ويجب أن تُفعَّل أعمال لجان المكاتب الاستشارية لرصد مطالب وحقوق المكاتب، ووضعها على طاولة المختصين، والتسريع بحل جميع عوائق هذه المكاتب، التي تُشكِّل واجهة مُشرقة للعمل الوطني، والمستقبل الواعد.