Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مرجعية إعداد القرار السياسي!

من المعروف أن أمريكا من أكثر الدول في الاعتماد على البحث العلمي في انضاج القرار خاصة في رسم الإستراتيجيات والتخطيط المستقبلي.

A A
من المعروف أن أمريكا من أكثر الدول في الاعتماد على البحث العلمي في انضاج القرار خاصة في رسم الإستراتيجيات والتخطيط المستقبلي. ولذلك يتفرغ بعض أساتذة هارفارد وييل وغيرهم للقيام بدراسات تمولها الدولة وتستخدم توصياتها كمرجعية موثوق بما توصلت إليه من نتائج مبنية على مسح ميداني واستقصاء للآراء وإحصائيات دقيقة. وعادة ما تنتهي الدراسات بتوصيات مع التأكيد على أهمية الأخذ بها.. ليس من أجل الباحث ولكن من أجل الهدف الذي اعتمدت الدراسة والبحث من أجله.
معهد راند rand research institute من أشهر بيوت الخبرة لإعداد الدراسات في أمريكا ولا يقتصر دوره على ما يحصل بداخل الولايات المتحدة الأمريكية ولكنه موجه لاستكشاف كل ما يتعلق بالسياسة الدولية ويكون له أثر على السياسة المحلية.
لدينا في المملكة مجلس الشورى والأغلبية من أعضائه من رجال الدولة المتقاعدين أكاديميين وإداريين من تخصصات مختلفة، ومن المجلس يتفرع عدد من اللجان يناط بها دراسة موضوعات معينة وتقديم النتائج للمجلس فإما يتم اعتمادها أو تعاد للدراسة أو تحفظ، توصيات المجلس أيضًا قد يؤخذ بها عندما ترفع للجهات العليا وقد تبقى حبيسة ملف الحفظ حتى يأتي عليها الدور، ولا ضير في ذلك لأنه ليس كل دراسة يمكن لها أن ترى النور بصفة فورية إلا ما ندر. وأغلبية القرارات تصدر باجتهادات الوزارة المعنية عندما تتمكن من إقناع ولي الأمر بمرئياتها. والدول والمؤسسات الكبرى عادة ما تحتاج لبيت خبرة عالية أو كما يقال «ثنك تانك THINK TANK» باللغة الانجليزية يتصدى لموضوعات معينة ويطلع بتوصيات أقرب إلى ما ينبغي الأخذ به. رسوم الأراضي أحد الموضوعات التي تداولتها عدة جهات. مجلس الشورى واللجان المنبثقة عنه وغيرها من الآليات المتوفرة وبعد أن تكونت القناعة صدر قرار مجلس الوزراء بفرض رسوم على الأراضي الواقعة ضمن النطاق العمراني وتظل محتكرة عمدًا ترقبًا لرفع الأسعار.. والتنفيذ أت في القريب العاجل.
في أمريكا وأوروبا تؤخذ الدراسات ذات الطابع الإستراتيجي والسياسي مأخذ الجد لأن الذين يقومون بها خبراء في مجال التخصص، وكل باحث مسؤول عن نتاج عمله والتوصيات التي يقدمها، والكليات المختصة في الجامعات عادة ما تراجع وتمحص وتنقد بعض الدراسات من قبل أساتذة مختصين ولهم مصداقية بهدف الحصول على النتائج الأفضل حتى يكون القرار متكاملًا وفي مصلحة الدولة والوطن، جامعاتنا مع الأسف قل ما يوجد بها مثل تلك التقاليد البحثية والوزارات لا تشجع ذلك بالدعم والتمويل للتفرغ وما يحتاجه الباحث للسفر والاستعانة بفنيين لجمع المعلومات وتدقيقها وغير ذلك.
تزاحم العمل اليومي على طاولة المسؤول لا يوفر له الوقت الكافي.. وقد لا تكون لديه الخبرة المطلوبة.. ولذلك من الضروري أن يكون هناك دراسات يعتمد عليها لضمان صحة القرار ونجاح التطبيق. والشفافية في الحديث عن صناعة القرار تعتمد على عوامل متعددة يبقى تقديرها بيد صاحب القرار من حيث التوقيت ولكن الاعتماد على دراسات موثقة عامل جوهري في الإخراج والتنفيذ الذي يحقق الغايات المنشودة من وراء اتخاذ القرار. وصاحب التخصص من خارج الجهاز عادة ما يكون محايدًا وليس له ميول إلا للحقائق العلمية التي يتوصل لها والتوصيات التي يراها الأصلح ويبقى القرار بيد صاحب الصلاحية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store