نماذج إيجابية في الجامعات

بيئة العمل في الجامعة من نواح إيجابية كثيرة ليست كأي جهة أخرى، نظرًا لما تتيحه الفرص من احتكاك واختلاط بشخصيات لها ثقل معرفيّ كبير، مرّت بتجارب أثناء الدراسة والبحث في الداخل والخارج، إضافة لكثرة المؤتمرات والأنشطة واستضافة الشخصيات الفاعلة والمثمرة إقليميًا ودوليًا، وهي فرصة عظيمة لمن أحسن استغلالها مع زحمة الأعمال. الحرم الجامعي هو مجتمع قائم بحد ذاته داخل المجتمع، ومدينة داخل مدينة.
وكنت كتبت من قبل عن الجوانب السلبية في الجامعات، وذكرتُ منها جزءًا من معاناة كثير من الموظفين من حيث التعامل مع بعض أعضاء هيئة التدريس، ووعدت أن أذكر وأذكّر بالإيجابيات في بيئة العمل.
وإن كنا لا نعمد إلى ذكر الأسماء في حالة السوء تفاديًا لعوار الرأس، فواجب ذكر أهل الفضل وحبذا بأسمائهم، ولكن نظرًا لكثرة الأسماء المذهلة في خاطري من مرّ بي من أكاديميين عريقين وشباب ارتقوا مراقي أخلاقية وعلمية عالية، ولم يزدهم تحصيلهم العلمي والمناصب التي حظوا بها سوى إمعانًا في الدنوّ من الناس على مختلف شرائحهم وطبقاتهم، وتحمّل غلظة الجاهلين والمرضى؛ والسعي للخدمة وبذل الجهد لتحقيق منافع الناس ومصالحهم. وبذا تجد أنك في كل الأحوال لن تستطيع كتابة اسم أو اسمين وتستشهد بها – مع أحقيتها – دون ذكر الآخرين، والقائمة تطول.
وفي لقاء عابر مع دكتور فاضل – ليتني استطعتُ كتابة اسمه – بلغ من الأخلاق مبلغًا يحرجك فيه من الحديث معه، أوضح لي كثيرًا مما التبس عليّ في مقال: «بدل نفسية لموظفي الجامعات» وأكد لي أنه سعى في رفع شكوى على عضو هيئة تدريس وأحيل إلى التحقيق لأنه تلفظ بلفظ جارح على أحد موظفي الإدارة!
وهنا.. النظام يكفل حق الموظف، لكنه قليل التطبيق جدًا، فلا تكاد تسمع بالتحقيق مع عضو هيئة تدريس إلا في الحكم النادر رغم تعنّت بعضهم، وهذا ليس بسبب عدم وجود نظام، وإنما يشترك فيه عدم الرقابة على تطبيق النظام، هذا من جهة، ومن جهة أخرى – بحسب الدكتور - «جهل المتضرر بحقه، وتساهله في تقديم شكوى رسمية». فتجد كثيرًا من المظلومين يخشون المواجهة ويكتفي أحدهم بالسب والشتم خلف اسم مستعار في «النّت»!
وأقول: بمثل هذه النماذج المشرفة من أعضاء هيئة التدريس تنهض الجامعات، بقوة تحصيل أساتذتها، واحترام حقوق موظفيها.
والله يتولى هدانا وهداكم.