Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أمريكا والخليج .. تطابق الرؤى

حدثان كبيران جللان شهدهما العالم كله وراقبهما باهتمام شديد، غيّرا الكثير مما كان يدور في أروقة السياسة العالمية، وبدّدا شكوكًا حول علاقات تأريخية مؤسسة على ثوابت دبلوماسية راسخة لا تهتز ولا تتأثر بغيو

A A
حدثان كبيران جللان شهدهما العالم كله وراقبهما باهتمام شديد، غيّرا الكثير مما كان يدور في أروقة السياسة العالمية، وبدّدا شكوكًا حول علاقات تأريخية مؤسسة على ثوابت دبلوماسية راسخة لا تهتز ولا تتأثر بغيوم عابرة وسحب زائلة. الحدث الأول كان الزيارة التأريخية لخادم الحرمين الشريفين قبل أسبوعين ونيف إلى أرض الكنانة، التي لم تبدد كل الأقاويل والظنون حول وجود الخلافات بين البلدين فحسب بل رسخت علاقات أخوية تعود إلى مئات السنين بين شعبين جارين متقاربين تأريخيًا وجغرافيًا وقبل ذلك دينيًا وعقائديًا واجتماعيًا، عدا وشائج الدم والقربى، وازدادت روابط البلدين إلى حد أنهما أصبحا أرضًا واحدة بعد إقرار إقامة جسر الملك سلمان.
أما الحدث الثاني فكان بامتياز انعقاد القمة الخليجية الأمريكية في الرياض هذا الأسبوع، بحضور رئيس أكبر دولة في العالم شخصيًا، وجلوسه جنبًا إلى جنب خادم الحرمين الشريفين ومن حولهما بقية قادة الخليج العربي في تظاهرة تأريخية غير مسبوقة، وكان انعقاد هذه القمة بحد ذاته كفيلًا بإخراس كل الألسنة المسممة وإبطال كل الادعاءات المكذوبة بأن العلاقات الأمريكية الخليجية تمر بأسوأ حالاتها وأن أمريكا تخلت عن دول الخليج وخذلتها ووضعت يدها في يد مناوئيها وفي مقدمتهم إيران. وإن كانت القمة في حد ذاتها كفيلة بكل ذلك، فما بالنا بما صدر عن البيان الختامي للقمة الذي أكد تطابق الرؤى الأمريكية الخليجية وليس توافقها فقط، وهذا التطابق يشمل كل القضايا الملحة في المنطقة دون أي استثناء. وقد شملت نقاط البيان الختامي ما يلي: تنسيق الجهود لهزيمة الجماعات الإرهابية.. القيام بمناورات عسكرية مشتركة في مارس 2017م.. زيادة تبادل المعلومات بشأن الأخطار الإيرانية في المنطقة.. شرط عودة العلاقات مع إيران وقف ممارساتها وتدخلاتها.. دعم محادثات الكويت بشأن الأزمة اليمنية.. تقوية قدرات الخليج لمواجهة التهديدات الخارجية والداخلية.. دعم الشعب السوري وتنفيذ القرارات الدولية.
وكان من أهم تصريحات الرئيس أوباما: «رحيل الأسد ضروري لاعتبارات عديدة، ونحن متحدون في مساعينا لدحر داعش والإرهاب»، وهذه النقاط الواضحة في البيان لا تحتاج إلى عظيم تمحيص لتبيان أن التطابق التام متحقق بين التوجهات الخليجية والتوجهات الأمريكية في القضايا الكبرى فائقة الحساسية في المنطقة، وأولها الموقف من إيران، الذي راهن عليه بعض المحللين وذهبوا إلى حد القول بأن الإدارة الأمريكية الحالية تخلّت عن دول الخليج وارتمت في أحضان إيران وغيرت أحلافها في المنطقة، مع أن الإدارة الأمريكية أكدت مرات ومرات أن الاتفاق النووي مع إيران لا علاقة له بملفاتها العالقة الأخرى، وأنها ستبقى تحت المجهر، مع عدم رضا الإدارة الأمريكية عن كل تدخلاتها في المنطقة. وجاء في القمة، ما أوصى به البيان الختامي من «زيادة تبادل المعلومات بشأن الأخطار الإيرانية في المنطقة»، ومعنى ذلك أن تبادل المعلومات هذا كان قائمًا دومًا، وسيزيد بعد ترتيب بعض الأوراق في القمة. وكلمة «أخطار» تعني دون شك أن توجّس الأمريكيين من الدور الإيراني، كان وما زال وسيبقى حاضرًا، مع اتفاق أمريكي خليجي على ضرورة الإبقاء على قطع العلاقات مع إيران حتى توقف تدخلاتها وممارساتها العدائية في المنطقة.
لقد أثبتت هذه القمة التأريخية بين أمريكا والخليج أن علاقة أمريكا بدول الخليج أقوى من أي وقت مضى، كما أثبتت أن أمريكا تستشعر اليوم هذه القوة الإقليمية الصاعدة، في تكتل هو الأقوى والأكثر صمودًا في العالم العربي، هذه القوة التي أصّلت لها مواقف القائد العربي الأول سلمان بن عبدالعزيز ومن حوله زعماء العالمين العربي والإسلامي.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store