Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ليسوا سواءً

الخميس الماضي وعلى هذه الصفحة كتبَ الروائيُّ العربيُّ (واسيني الأعرج) مقالَه تحت عنوانٍ لافتٍ هو (فنانة فوق العادة.. وتحتها).

A A
الخميس الماضي وعلى هذه الصفحة كتبَ الروائيُّ العربيُّ (واسيني الأعرج) مقالَه تحت عنوانٍ لافتٍ هو (فنانة فوق العادة.. وتحتها). المقال جاء سردًا لأحداثِ قصةٍ حقيقيةٍ وقعت على متن إحدى الرحلات الجوية، وكانت بطلة القصة فنانة عربية شهيرة. خلاصة القصة أن الفنانة ترى أنها (فوق العادة) وأنَّ لها أن تجلس في الطائرة حيثُ تشاء، وأن الجميع ينبغي أن يعرفوا قَدْرَها ومكانتَها فضلاً عن مكانِها، ويأتمروا بأمرها بمجرد إيماءةٍ منها. هنا لعلي أقف مع ما سطره الكاتبُ الفاضلُ في مقاله حينما أكَّد أن: «وراء هذا البهرج الفارغ يوجد فراغ اسمه قلة الوعي والثقافة والفن الذي يفترَض أن يُعلم التسامح ومحبة الناس...». هذا الكلام درج المنتسبون للفن على استحضاره في كل حوار أو قصة مشابهة لقصة الفنانة أعلاه، وهذا لا خلاف عليه، وهو يأتي بوصفِ الفنِّ رسالةً ذات قِيمة ينبغي أن يؤديها الفنان -أيًّا كان اتجاهه الفني- على خير وجه. غير أن ما قامت به الفنانة بطلة القصة يجعلنا نتساءل عن مفهومها وأمثالِها للفن ورسالته، وهو ما جعلني أدون على حسابي في (تويتر وفيس بوك) معلقًا على مقالة واسيني بالقول: «يقولون إن الفن يعلم التسامح، وإن الفنان أكثر إنسانية، وغير ذلك من المثاليات التي صدَّعوا بها رؤوسنا.. هنا الشاهد». ليرد الصديق (عبدالله القرني) الكاتب بهذه الصحيفة على الحساب ذاته بقوله: «طلال مداح رحمه الله جاءه محبٌّ منتصفَ الليل يطلب عونًا لعلاج بنته فأعطاه ذهب زوجته المتاح.. المعدن الطيب يرقى به الفن». ما قاله عبدالله لا مراء فيه، وهو ما سيقوله المنتسبون للفن كلُّهم، بل من حقهم أن يقولوا أيضًا: إن الحالات (المتطرفة) أو لِنَقُل (الناشزة) ممن تنتسب للفن ينبغي ألا تُؤخَذ ذريعةً وتُعمَّم سلوكياتها الفردية على الفن والفنانِين. أردتُ بهذا أن أصل إلى أنَّ إشكاليتنا المزمنة هي (التعميم)؛ فسلوك الفرد -وِفْقَ هذا التعميم- تتحمله الجماعةُ حتى ولو لم يكن سلوكه من أدبياتها أو في أجندتها، ولذا حين نأتي ونقول إن المنتسبِين للفنِّ (كلَّهم) على مبدأ الفنانة بطلة القصة فإننا بهذا نقع في إشكالية (التعميم) المقيت. في الوقت نفسه حينما يأتي المنتسبون للفن ويؤكدون على أن الفنانِين (كلَّهم) متسامحون، وإنسانيون، ذوو أخلاق سامية، ولهم أفئدة الطير، فإنهم بذلك يقعون في إشكالية (التعميم) أيضًا، وإلا لما رأينا بعض الفنانِين يساندون الطغاة ويبررون مواقفهم، بل إن كبير السفاحِين (هتلر) كان فنانًا تشكيليًّا. وبما أن التعميم في جانبيه كليهما (الاتهامي والتنزيهي) مقيتٌ ومنبوذٌ عند الحديث عن الفن، فكذلك ينبغي أن يكون مقيتًا ومنبوذًا عند الحديث عن غيره كـ(الدعوة والدعاة والهيئة ومنسوبيها) أو أي جهازٍ أو مذهبٍ أو شعبٍ؛ فالمنتسبون ليسُوا سواءً.. أليسَ كذلك؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store