Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الهيئة العامة للثقافة.. نواة وزارة الثقافة

جاءت الأوامر الملكية الأخيرة محققة لرؤية المملكة 2030، ولتشكل دفعة قوية لمسيرة التطوير والتنمية التي تنهض بالمكان والإنسان معًا، بعد إعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء وإلغاء العديد من المجالس والهيئات وا

A A
جاءت الأوامر الملكية الأخيرة محققة لرؤية المملكة 2030، ولتشكل دفعة قوية لمسيرة التطوير والتنمية التي تنهض بالمكان والإنسان معًا، بعد إعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء وإلغاء العديد من المجالس والهيئات واللجان، وتوافقت الأوامر الملكية الكريمة مع متطلبات وتحديات المرحلة الحالية، لتحقق بإذن الله تعالى تطلعات الأمة في فعالية كبيرة لأجهزة الدولة وقطاعاتها في أدائها لمهامها واختصاصاتها على أكمل وجه ممكن، ما يحقق الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، ويسهم في بناء مستقبل زاهر وتنمية مستدامة بإذن الله.
وسوى ما نصت عليه الأوامر الملكية من إلغاء لبعض الوزارات ودمج لبعضها الآخر، وتغيير وتعديل تسميات بعض الوزارات والهيئات، تشكلت هيئتان جديدتان هما: «هيئة عامة للترفيه» تختص بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه، ويكون لها مجلس إدارة يعين رئيسه بأمر ملكي و»هيئة عامة للثقافة» يكون لها مجلس إدارة يرأسه وزير الثقافة والإعلام.
وتركز هذه المقالة على الهيئة العامة للثقافة التي نتمنى أن تكون نواة لوزارة مستقلة للثقافة كما هي الحال في معظم دول العالم، لتكون للثقافة صفتها الاعتبارية المستقلة، ويتسنى اتخاذ قرارات ثقافية «سيادية» إن جاز التعبير في بلد يعتبر ولاشك قلب الثقافة الإسلامية وقلب الثقافة العربية في آن معًا، وفي زمن يواجه فيه العالمان العربي والإسلامي تحديات ثقافية أكثر خطورة من التحديات الاقتصادية والعسكرية، وقد يظن البعض أن التحديات العسكرية والاقتصادية هي التي تفرض التحديات الثقافية، والعكس صحيح. ولتوضيح هذا الشأن لابد من الوقوف عند تعريف الثقافة المتعارف عليه عالميًا، فهي مجموع المعطيات العقدية والفكرية والاجتماعية لمجتمع ما أو دولة ما، ويدخل في ذلك الأعراف والتقاليد والتراث بل وعادات المأكل والمشرب، والمصرّح به والمحظور اجتماعيًا وغير ذلك، وترتبط ثقافة مجتمع ما بالضرورة باللغة والدين والمعتقد فلا يمكن فصل الثقافة العربية عن الثقافة الإسلامية، ولا الثقافة العبرية عن الثقافة اليهودية، ولا الثقافة الإنجليزية عن الثقافة الأنجلوساكسونية... وهكذا، إذًا ليست الثقافة: (Culture) هي المحصول القرائي والمعلوماتي عند فرد أو جماعة، كما يظن معظم الناس، بل هي مجموع المعطيات التي وضحتها التي تميز بلدًا عن بلد ومجتمعًا عن مجتمع، وبالتالي فإن «الهيئة العامة للثقافة»، وهي هيئة وليدة تضطلع بمهام جد كبيرة لا تقتصر على إقامة الندوات واللقاءات الأدبية والدينية والفكرية أو إصدار المؤلفات والإبداعات الأدبية والفنية، أو تنظيم المهرجانات الفولكلورية فحسب، بل إن لها مهامًا أكبر من ذلك بكثير في تقديري تتصل بالثقافة العامة للبلاد، ووضع الآليات المؤدية إلى تصحيح الكثير من المفهومات المتصلة بالدين والموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد، والعلاقة مع الآخر، ومن ثم تنمية الحصيلة العلمية والفكرية العامة لدى المواطنين، فلا يغيب عن البال الخطر الداهم على الأمة كلها وهو التطرف والتشدد الذي أفرز الإرهاب، كما لا يغيب خطر العادات الاجتماعية الخاطئة التي تفرز النعرات الفئوية والطائفية ناهيك عما يتصل منها بعادات الزواج المبالغ فيها والمنفرة، إضافة إلى العلاقة بالآخر المتصلة بنبذه وعدم تقبله وربما تكفيره.
تلك بعض المفهومات الخاطئة التي يلزم الهيئة العامة للثقافة العمل على تصحيحها، وفي الوقت نفسه العمل على ترسيخ المفهومات الصحيحة دينيًا واجتماعيًا وفكريًا واقتصاديًا، وهي مهمة جد عظيمة أجدر بوزارة كبيرة، نسأل الله أن تكون هذه الهيئة الوليدة نواتها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store