Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قتل على أنغام الأوركسترا

القتل عديم الأخلاق، عادة توارثها الروس في كل حروبهم التي خاضوها طوال التاريخ الروسي، خصوصًا في العصر الحديث، الذي لم تكن أفغانستان بدايته، ولا سوريا نهايته، فالأيادي المُلطَّخة بالدماء تجاوزت ذلك إلى

A A
القتل عديم الأخلاق، عادة توارثها الروس في كل حروبهم التي خاضوها طوال التاريخ الروسي، خصوصًا في العصر الحديث، الذي لم تكن أفغانستان بدايته، ولا سوريا نهايته، فالأيادي المُلطَّخة بالدماء تجاوزت ذلك إلى بلدانٍ أقرب، وأخرى أبعد، في استعراض غير متكافئ، لكن إرادة الله دومًا هي الغالبة، فكثيرًا ما تنسحب جحافلهم بعد أن ينهزموا، فإرادة الشعوب أثبتت أنها أقوى شكيمة من سلاح العدو.
قبل أسبوعين من اليوم قاد قائد الأوركسترا الروسي الشهير «فاليري غير غياف» حفلًا موسيقيًا على مسرح «تدمر» الأثرية تحت عنوان: «صلاة من أجل تدمر.. الموسيقى تحيي الجدران العتيقة»، وعلى أنغام تلك الموسيقى كانت الطائرات الروسية تغير على مشفيين في حلب، قُتل فيهما العشرات من المرضي والأطباء والمدنيين، كما شنّت الطائرات خمس غارات على مدينة (إعزاز) بريف حلب الشمالي، استهدفت الكثير من الأبرياء، كان طيّارو الميج يستهدفون الشعب السوري وهم في قمة سعادتهم، حيث يُحلِّقون مرة فوق مسرح تدمر، وأخرى فوق مسارح جرائمهم في مدن وقرى الأراضي السورية.
وأتذكر قبل سنوات، أنه في نفس الليلة التي كنتُ أُقلِّب فيها صفحات الجزء الرابع من روايات الكاتب الروسي «إيفان تور غنيف»؛ داهمت الطائرات الروسية مدينة (جروزني) عاصمة دولة الشيشان، وحوّلت معظم مبانيها إلى ركام تتحدث عن مأساة أولئك السكان المسلمين الذين أصبحت منازلهم قبورا.
كلما طال أمد الحرب كلما زادت متاعب الشعب السوري، فهم محاصرون جوعًا، وأمسوا هدفًا للطائرات الروسية التي تختبر مدى فعالياتها في أجسادهم وتدمير ما تبقَّى من مساكنهم، والأسد بات جسدًا بلا هوية بعد أن تدخَّل الروس والإيرانيون لمناصرته، أعلنها قبل ذلك أرضًا محروقة طالما أنه لا يحكمها، وبعد أن أعطى الروس والإيرانيون وأتباع حزب الله حق المواطنة بإعلانه أمام الملأ بأن الوطن ليس لمن هو يحمل هويته، بل لمن يدافع عنه.
لم يكن مقتل القيادي لحزب الله «مصطفى بدر الدين»، وكذلك القادة الإيرانيون الذين قُتلوا في خان طومان، سوى بداية لعملياتٍ أخرى من المؤكد أنه سيتوقف عندها الروس ليُراجعوا حساباتهم، إذ سيستتبع ذلك إسقاط طائرات، وهو ما يتخوّف منه الروس، والنصر آتٍ لا محالة لأصحاب الحق قريبًا، وسيحتفلون بـ(الدبكة) على مسرح «تدمر»، بعد أن يُطهِّروا بلادهم من المحتلين ومن المرتزقة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store